السلسلة البديعة "تحفة الحكام في نكت العقود والأحكام" ما قرب مصطلحات هذه الناحية من الفقه، وأشاعها بشيوع حفظ العاصمية وكثرة شروحها واعتمادها في الدراسة، حتى أصبحت مسائلُ التوثيق والأحكام غالبةً على مسائل الفقه المالكي، واصطلاحاتُها جاريةً سائغة على الألسن والأقلام.
وبهذا أصبح الفقه المالكي منذ القرن السابع يسير على منهجين:
المنهج الأول: منهج متابعة التلخيص من التحرير والتهذيب لمسائل الأحكام الموضوعية على السلوب الذي تركناه في القرن الخامس. وقد ظهر على هذا المنهج في القرن السابع على التعاقب الفقهاء المصريون الذين طال باعُهم في تحرير المذهب المالكي واختصاره: ابن شاس، ثم ابن الحاجب، ثم القرافي، ثم خليل.
وكان لمنهج الاختصار المحكم الذي ظهر به الإمام الغزالي في المذهب الشافعي بكتاب "الوجيز" تأثيرٌ قويٌّ في دفع العمل الفقهي على ذلك المنهج، كما صرح بذلك مقدَّمُ هذه الحلبة ابن شاس في خطبة كتابه "الجواهر الثمينة"، (?) وهو الذي سار على خطته ابن الحاجب والقرافي ومن بعدهم.