على مثالهم، والمنتخبين من طرازهم. ولكن ذلك على ما فيه من المناقضة للتاريخ الثابت، والمعارضة للصريح من النصوص، ليس بمغن عنهم شيئًا، ولا بنافعهم قليلا ولا كثيرا، ولا هو من الأمانة الأدبية التي لا أظن أن التمويه بخلافها يروج على العقول في أيامنا هذه. ومع أن الشاعر أسقط عن الناس هذه الكلفة، وأعفاهم من احتمال هذه المئونة، باعترافه في شعره، وتصريحه لممدوحيه، بأنهم أولى له، وأفضل عنده من أهله الذين لم يشرف بهم، ولا تناول ما تناول من المجد بأولهم ولا بآخرهم. وقد آثرنا أن نكتفي في الاستدلال على ذلك بحياته في مصر مدة انقطاعه لكافور، ونحب قبل تلخيص هذه الصلة أن نذكرهم بتقدمة صغيرة لهذا الأمير. .". ثم مضى الأستاذ على غير هذا الغرار الجاحظى في التحرير والكتابة. وسائر كلامه ليس عندنا بشيء حتى نقف عليه أو نحاول نقله.

وقد أراد أستاذنا كما اعترف في كلامه أن ينظر (في هذه المحاولة التي يراد بها إسناد المتنبى إلى غير أبيه .. إلخ) وقد اخترط المقالة كلها، ولم يأت بشيء يُعَدُّ نظرا في الذي كتبت عن نسب المتنبى، ولا نقدا لقولى فيه. ولكن لعلى لم أفهم، فأنا أرجو الأستاذ أن يدلنى على الذي في كلمته مما هو نظر أو نقد أو إسقاط لقولى. وليعلم الأستاذ أن للنقد الذي كتبه على نفسه بهذه الجملة طريقا لابد من انتهاجها، هو أدري بها وأعلم. وأول ذلك أن يذكر رأيي منقولا منسوبا، ثم حجتى متتابعة، ثم يعمل في ذلك عمل الناقد فإن شاء رفع وأن شاء أسقط. أما الذي سلك أستاذنا من مذهب القول فهو مما لا يخفض قولى ولا يرفع قوله.

ثم شرع الأستاذ ينظر إلى الجاحظ بطرف، ويقول عني ما يقول من أنى أحاول تأويل المحكم وأتهم الثقة، وانتحل الحيلة ثم يزيد ذلك أنى أريد تحصين المتنبى من كل تهمة، وأبرئه من كل مذمة، وأتصدى لاحتمال المكروه عنه. وأنا يعجزنى أن أرد على هذا القول! !

ثم لا يكتفي أستاذي بهذا بل يستبطن نفسي، ويتولج في دخيلتى ويزعم أنى أزعم أنى كتبت ما كتبت وأنا أظن أنى قد أوتيت الحكمة وبلغت غاية الفهم ..

طور بواسطة نورين ميديا © 2015