وافقنى فقد أخجلنى، وجاء بعض من خالف بأسلوب غريب في المناظرة. فمن ذلك ما قرئ على اليوم مما كتبه الأستاذ الجليل محمد هاشم عطية -المدرس بدار العلوم. وأنا قبل أن أنقل للقارئ قوله أعترف له أنى كنت متحرجا من التعليق على قوله لسابق فضله عليّ في عام من أعوام الدراسة بالمدارس الابتدائية، ولكني رأيت الأستاذ لا يتحرج من أن يذكر في مقاله رأيا لأحد من الناس غفلا غير منسوب إلى صاحبه، ولا إلى مكانه من الكتاب الذي نشر فيه، ثم يزيد فيرد على هذا الرأي بغير طريقة النقد العلمي الصحيح، ثم يزيد فيتهكم، ثم يزيد فيرمى الناس على غير علم بإرادة ما لم يجل لهم في خاطر.
فقد أصدرت (جماعة دار العلوم) مجلتها الجليلة الموفقة "صحيفة دار العلوم" العدد الرابع من السنة الثانية، وهو خاص بذكرى أبي الطيب المتنبى. ومن الكلمات الممتعة التي فيه كلمة الأستاذ محمد هاشم عطية عن (المتنبى وكافور). ويقول الأستاذ ص 80 و 81 من هذا العدد:
". . ونحسب أننا بما سنقضى به من بعض ما لاحظناه في أكثر ما كتب عنه في أيامنا الحاضرة، سنكون أبلغ احتفالا وأسنى تكرمة على حساب أننا لا ننفي عنه عيبا، ولا نضيف إليه مفخرا، ولا ندعى أننا سنزيل من أمره لبسا، أو نحل متعقدا إلا النظر في هذه المحاولة التي يراد بها إسناد المتنبى إلى غير أبيه، واستخراجه من غير معدنه، والادعاء بأنه علوى النسب، هاشمى الأرومة، والالتجاء في ذلك إلى التأويل للحكم والاتهام للثقة، والانتحال لكل حيلة، لتحصينه من كل تهمة، وتبرئته من كل مذمة، والتصدى لاحتمال المكروه عنه. مع أنهم يعلمون أن وضع الرجل في غير موضعه، وإعطاءه ما ليس من حقه، تهجين لشأنه وذم له. يظنون أن من ذكر المتنبى فأحسن إليه، وأحمد الخبر عنه، وأسبغ من دفاعه ستارا على عيبه -فقد أوتى الحكمة، وبلغ نهاية الفهم، وصار مستحقا لاسم الأدب، داخلا في جملة الموسومين عند الناس بالأدباء، لتوهمهم أن الناس لا يتجرأون عليه، ولا يقدر منهم على مسافات خواطره، ومسبح إلهاماته إلا الذين أصفاهم ربهم بالفطن، وأعانهم بتمام البصيرة، من المنحوتين