الخمسين والستين، أما جد في أرذل العمر أعشى أصم ميت الأعضاء، فصعب أن يتصور المرء مثله ماشيًا على يديه وركبتيه، يحاور من هنا ويداور من هناك! فوق كل ذي علم عليم. هذا على أن المستوغر لم يكد يقص قصة هذا اللِّعاب حتى ختمها بما يلقى من أذاهم، وأنه لا نجاة له من شرهم إلا أن يموت موتًا مضاعفًا، فقال:

فذاك الهم ليس له دواءٌ ... سوى الموت المنطَّق بالمنايا

3 - وأرجئ ما قاله في أبيات الشماخ، وسأفرد لها كلامًا غير هذا، فإنها تحتاج إلى فضل بيان.

4 - أما تعليقه على قول اللعين المنقرى:

ويترك جِدَّه الخَطَفَى جريرٌ ... وَينْدُب حاجبًا وبنى عِقالِ

فإنه قال: "معنى يندب هنا، يجرح أعراضهم بالهجاء". ولم أجد في كتب اللغة: "ندبَ"، أو "أَنْدَب" بمعنى جرح، ولا أظنه يصح من جهة الاشتقاق. وأظن الكلمة محرفة، ولا يزال البيت متطلبًا تصحيحًا ينفع (?).

5 - أما ما عابه من شرح بيت جرير في هجائه عمر بن لجأ التيمى:

ألَّا سوانا ادَّرأتم يا بني لَجَأ ... شيئًا يقارِبُ، أو وحشًا له عُررُ

فإني قلت إن جريرًا اشتق "ادرأه من الدريئة، وهي الحلقة التي يتعلم عليها الطعن والرمى". ثم رأيت في تاج العروس مادة "درأ" ما نصه: "ادَّرأوا، وتدرّأوا: استتروا عن الشيء ليختلوهُ"، أو جعلوا دريئة للصيد والطعن. وأستاذنا ينكر هذا، ويراه بعيدًا، ولكني بعد أراه قريبًا. فإن عمر بن لجأ من شعراء تيم الرباب، كانوا قد تعرضوا لجرير بالهجاء فقال يهجوهم وبنى تيم:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015