لا يشمس (?) بعنان في يدك؟ إن القلم أداة البيان، ولكنه أداة تريد رضاها من صاحبها، فإذا أقبلت عليها وأنتَ تحمل الهم وتتكفأ به كما تتكفأ السفينة المثقلة الموقرة على ثبج الموج، لم تستقم لك نصبتها التي تجعلها أداة صالحة للعمل على صورة يعينها.

فإذا أردت -يا بني- إلا القلم النبيل الذي لا يتهور ولا ينحط، فامنع نفسك واحْفَظها وحُطْها، وتدبر لها، وترفق بها، ولا تمسك القلم إلا وقد علمت أنك قد نفيت عن نفسك الهم والخبث، ونكد الدنيا، وشقاء الحياة، وضرورة العيش، ثم اعمل له عمل المجاهد لا يبالى أن يموت، إذ نفي عن قلبه نوازع الحياة، فإذا فعلت فقد نفثت في هذا القلم المعطل روح السمو التي لا يمكن أن تنزل، وإن القلم يومئذ لهو أطوع لك من الحبيبة في هوى من يحبها، إذا أفضت الروح إلى الروح، وبقى الجزء الأرضي في أوحاله أسيرا ممنوعا مكفوفا عن عمل الشر الذي هو طبيعته وسر طبيعته.

إن القلم الأحمق الذي لا عقل له هو القلم المرزوق -يا بني- وإن الأقلام أشبه بأزمانها منها بأصحابها، وإن زمنكم. . .

ثم انتفضت جالسا إذ خيل إلى أن قنبلة تكاد تسقط علينا من السماء في أزيز الطائرات.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015