الاستعلاء أيضًا. فهم لم يريدوا أن يجعلوها مفردَة في كلامهم لذلك، وقالوا "حق" و"عق" لما تعرف من صفة العين والحاء على ما يتوجه إليك من فحوى بعض كلامنا آنفا.

فنحن سنأخذ هذه الكلمات المبدوءة بالهمزة على ترتيب مُتّصل، وذلك بأن نفصّلها لك على مخارج الحروف التي تليها، فأول ذلك:

"أكَّ" فأصل هذه المادة عندنا من صوت احتكاك الأجسام اللينة بعضها ببعض لأن الكاف تمثل في النطق صوت شيئين لينين بَينَ بَينَ يزحمُ أحدهما الآخر زَحمًا شديدًا. والأكَّة في اللغة الزحمة والضّيقُ، وأكَّهُ زاحَمَهُ. وهذا المعنى للكاف ثابثٌ في قولك "حَكَّ" و"عكَّ" و"هَكَّ" الشيء سحقهُ، وهذه كلها حروف حلقية تتبعها الكاف، فإذا أنت أخذت في مثل "بَكَّ" أي زَحَم، و"تكَّ" الشيء اللين الرطب وطأه فشدخه و"دكَّ"، و"زكَّ" في مشيه قارب خطوه وحَرك جسده واحتَكَّ بها ثوبهُ، و"سَكَّ" و"شكَّ" و"صَكَّ". . . رأيتَ كل هذه تَحملُ كافُها لها معنى الاحتكاك أو تصويره أو مقاربة صوته (?) ولكنهُ في "أكَّ" و"حَكَّ" أبينُ المعنيين، لأنَّ الهمزة والحاء حرفان أصليان دالان على الأصوات الأولى التي هي أقربُ من سواها إلى حكاية هذا الصوت (?).

ثم إليك "أشَّ"، "أجَّ" والشين تحمل بطبيعتها صوتَها المتفشّى المستطيلَ المتلينَ الذي يُهمس بهِ، ويضعف لها الاعتماد في مخرجها حتى يجرى معها النفَس بين الحَنَك الأعلى واللسان مع انفتاح الشفتين مع الإمالة الخفيفة. ويلقى هذا الصوت الأذن فيمثل صَوت الحركة الخفيفة التي تكون كأنها من احتكاك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015