فينبغي إذن أن نفرق أولًا بين الصوت والحرف. فالصوت نَفَسٌ مقذوفٌ من الجوف إلى الحلق إلى الفَم يخرج مدفوعًا مستطيلًا متصلًا حتى يعرض له في طريق استطالته أو اندفاعه ما يثنيِه أو يقفُه أو يردده أو ينكسهُ، وإنما يعرضُ له ذلك في الحلق أو الفم أو الشفتين أو الثنايا والأضراس مع اللسان، أو في الخيشوم أو في أعلى الحنَك، على اختلاف في مواقع النَّفس من كلّ هذه الأعضاء. فحيث يعرضُ للنَّفَس المقذوف من الجوف ما يقفهُ أو يقطعهُ عن الامتداد والاستطالة والاندفاع، فيسمَّى هذا المكان "مقطعًا" وإذن فلكل مقطع يقطع النفَس عن استطالته جَرْسٌ يتميز من جرَّاء اختلاف نوع الصوت حيث ينقطع. فانثناء النَّفَس على المقطع أو وقوفه أو تردُّدهُ أو ارتداده أو انتكاسه يحدث من الجرس ما نسميه "الحرف".

ولسنا نستطيع أن نعرف مقاطع الحروف وما تحمله من الجرس على براءَته إلَّا أن تأتي بالحرف ساكنًا لا متحركًا وذلك لأن الحركة نفسها حرف من الحروف، فإن الفتحة "ألف" مختلسة، والضمة "واو" مختلسة والكسرة "ياء" مختلسة (?)، وكأنها حرف ساكن يمد حرفًا متحركا ولا يبرأ مقطع الصوت "أي الحرف" من شائبة الاختلاط بمقطع صوت غيره إلَّا حين يكون ساكنًا لا تحفزه الحركة عن مستقرّ انقطاعه، ولا تميل بهِ إلى الحرف الذي هي بعضهُ وجزءٌ منهُ مع اختلاس الصوت وسرقتهِ وكبحه عن الوصول إلى مستقرّ انقطاعه هو أيضًا.

فإذا عرفت ذلك، وعرفت أن الحرف الساكن لا يوصَل إلى النطق بهِ مفردًا مجردًا من حركة تلحقهُ أو حركة تحفزه، لم تجد بدًّا من أن تستبدل الحركة التي تعين على النطق بوسيلة أخرى تؤدى إلى تمكينك من قطع الصوت حيث لا يختلط بمقطع حرف غيره من الحركات الثلاث. وليس يوصَل إلى تحقيق ذلك الصدى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015