أبدا إلى أفحش الشر. المعرفة بناؤها على الصدق، والتوهم عماده الكذب. ولا فلاح لشيء إلا بالصدق وحده.

لقد طرأت على هذا العالم العربي والإسلامي طوارئ، فإذا لم يصدق نفسه فلا نجاة له. واحتوشته (?) الأمم المفترسة بأساليبها الظاهرة والخفية، فإذا لم يصدق النظر فلا خلاص له. لست قانطا ولا مقنطا. كما يتوهم من يحب أن يتوهم. ولكني أرى بلاء نازلًا بنا. ونحن نخوضه كأنه رحمة مهداة. وبئس ما نفعل؟ وبئس مطية الأعمال الكذب.

من حيث أتلفت أرى وجوها تكذب، ووجوها مكذوبا عليها. وأسمع أصواتا تخدع، وآذانا مخدوعة بما تسمع. وأقرأ كلاما غمس في النفاق وفي التغرير غمسا.

وألمح في عيون المساكين ممن قرأوه غفلة تتلألأ بفرحة ولكنها فرحة لا تتم عليها إلا بالعصى المطبق عن الحق والصواب. إن هذا كله إعداد للمجزرة الكبرى. حيث تذبح الآلاف المؤلفة منا بمدى حداد اسْتُخْرِج حديدها من معدن القلوب المضطغنة بالعصبية، المنهومة بالمنفعة. وأَمْهاها (?) ماء الحقد الصليبى الوثني، وأرهفت بلذة الفتك الذي لا تطفأ ناره.

إن الذي نعيش فيه اليوم حياة قد مهد لها جبابرة الدهاة؛ لا أقول منذ عام أو عامين، بل منذ أكثر من مئتى عام. حطم كل شيء قليلا قليلا حتى خر البناء كله. ثم انبعثت من تحت الأنقاض حيات خبيثة تلبس إهاب البشر. غُذِيَت بالسم الذعاف حتى صارت لحمًا وسما. لا لحمًا ودمًا؛ ولا يعنيك أو يعنينى أن ننظر: أهي تعرف نفسها وتدرك أنها مسخت أفاعى في مِسْلاخ (?) إنسان، أم تراها لا تعرف ولا تدرك؟ ليس يعنينى هذا ولا يعنيك؛ بل يعنينا -ويعنيها هي أيضًا- أن نصدق المعرفة أنها حيات تنفث سمها في حياة الناس؛ في حياة الغافلين النائمين. فمن استعصى عليها فتكت به؛ ومن أطاع لسمها مسخ كمثلها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015