ومن العلل الدافعة إلى وضع الأحاديث المكذوبة على هؤلاء الصحابة"، (مجلة المسلمون عدد 3 ص 247).

وأنا أكره أن أنقل كلاما لي من مكان، ولكنك استكرهتنى على نقله، حتى لا يقع في عقل أحد من قراء الرسالة، أنى مستطع أن أقول هذه القالة المنكرة القبيحة بكل مسلم: إن للصحابة مكانة تحرم على كل إنسان أن ينقد أخطاءهم أو يظهر أغلاطهم. هذه يا سيدي كلمة قبيحة جدا، وأقبح منها أن تجعلها ترجمة لكلام مكتوب باللغة العربية التي تكتب بها وتقرأ فيما أظن، ثم تنسبها إلى امرئ يعرف حق الكلام ويلتزم مقاطعه ومطالعه وحدوده، وما يوجبه اللفظ من المعاني، وما يتناوله من دقيق الاستنباط. وأنا أشهد كل قارئ أنى لم أقل ما قوَّلتنيه، وأدع له حق الحكم بيني وبينك أن يكون في كلامي حرف واحد يدل على أنى أردت بعض هذا المعنى الذي ترجمته كما ترجم صاحبك تاريخ معاوية ومن معه من الصحابة وتاريخ سائر بنى أمية. أفتظن أن قولى إنه لا يحل لأحد أن يجعل "خطأهم" ذريعة إلى سبهم والطعن فيهم معناه أنهم لا يخطئون، أو أن أخطاءهم لا تنقد؟ وأين ذهب عمري إذن، إذا كنت لا أعلم أن الصحابة أخطأوا، وأن علماءنا -رضي الله عنهم-، قد بينوا أخطاءهم حتى فيما هو من أمور دينهم؟ ولكن فرق كبير بين أن تذكر عمل الصحابي أو قوله، وتأتي بالبرهان على أنه مما أخطأ فيه، وبين أن تجاوز ذلك إلى الطعن فيه، ثم إلى سبه، ثم إلى إخراجه عن الدين، كما فعل صاحبك. وهذا فرق ليس بالخفي فيما أظن؛ ولا أظنك إلا تورطت فيه من شدة أثر صاحبك عليك، حتى خدعك عما أنت خليق أن تكون من أهله. هذه واحدة أرجو أن تكون راجعا عنها منتفيا من سوء أثر صاحبك عليك فيها.

وأخرى تبين فيها سوء أثر صاحبك عليك: وهي تحديدك، فيما تزعم، لمعنى "الصحابي" واستدلالك بالكلمة التي جاءت في الخبر عن عبد الله بن أبي "معاذ الله أن يتحدث الناس أن محمدًا يقتل أصحابه". فهذه كلمة ذكرها، يخشى أن تدور على ألسنة المشركين الذين لا يميزون مؤمنًا عن منافق، وكلهم عندهم من أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم -، لا أن رسول الله يسمى المنافقين أصحابًا له! !

طور بواسطة نورين ميديا © 2015