على حد منكب

قلت قديمًا في الرسالة (?) إن الشيخ إبراهيم اليازجى ومن لف لفه كالمعلم الشرتونى، هم أصحاب حشد وتخليط في جمع اللغة. وآفة الحشد والاستكثار ترك التبصر ومجافاة التمحيص. ثم يأتي الناس بعد ذلك فيأخذون هذا الحشد على ثقة وأمن، فتزداد بلبلة الناس في شأن اللغة. فما كل أحد يصبر على تتبع الكلام المبعثر في الشعر والنثر، ثم جمعه وتأليفه، ثم النظر في أصوله ومبانيه، ثم تمحيص المعاني المختلطة ورد كل قرينة منها إلى أختها.

وقد قرأت في عدد الرسالة (908) ما نقله الأستاذ محمود أبو رية من كتاب نجعة الرائد لليازجى: (هو منه على حد منكب: أي منحرف عنه دائم الإعراض) وما عقبت به الرسالة من قول أقرب الموارد: (وفلان معى على حد منكب: أي كلما رآنى التوى ولم يتلقنى بوجهه، وهو كقولهم: فلان يلقانى على حرف). وأستطيع أن أوسع لليازجى والشرتونى في هذا الموضع مكان العذر، فقد نقلا، ولكنهما لم يتنخَّلا الكلام ولم يمحصاه. والذي أوقعهما في هذا الوهم، هو حب الاستكثار، ثم اطمئنانهما إلى شيخ قديم كان من أئمة العربية، ولكنه كان أيضًا عريض الدعوى، جريئًا على التوهم، كثير التخليط في اجتهاده، بل كان يدلس فيما يكتب، إذ كان يأتي بالشيء يوهمك أنه مما نقله عن الرواة قبله، وهو في الحقيقة مما اخترعه بسوء رأيه وقلة معرفته بغامض كلام العرب -ولا أعني غريبه، فهو كان قيما بالغريب حفظًا ونقلا. وهذا الشيخ القديم هو الخطيب التبريزى شارح الحماسة. ويدل شرحه للحماسة على

طور بواسطة نورين ميديا © 2015