ألا إن الشرق العربي لينتظر صابرًا كعادته هذا الرجل. وإني لأحس أن كل شرقي قد أصبح اليوم يتلفت لا من حيرة وضلال، بل توقعًا لشيء سوف يأتي قد أَنى (?) زمانه، ففي كل نفس منه خاطرة تختلج. وهذا الإحساس فينا هو الذي يحملنى على الإيمان بأن ذلك كائن عن قريب، وأننا قد أشرفنا على زمن قد كتب الله علينا فيه أن نجاهد في سبيله، ثم في سبيل الحق والحرية والعدل، لأننا نحن أبناء الحق والحرية والعدل، قد ارتضعنا لبانها منذ الأزل البعيد. وكل ما دخل علينا في القرون الماضية من المظالم والأكاذيب والاستبداد، لم يستطع أن يخفت ذلك الصوت الذي تتجاوب به نفوسنا باسم الحق والحرية والعدل.

إن هذه الشعوب التي تُرَى اليوم كأنها على بلادها أسمالٌ بالية ممزقة، قد بدأت تحس أن عليها أن تتجدد أو أن تزول، وطبيعة الحياة تأبى لها أن تزول، فهي لابد أن تتجدد. وهذا الدافع وحده سوف يمهد للرجل المنتظر أن يزأر زئيره فتصغى له آذان الملايين من أبناء الشرق، ثم تنطق من مجاثمها إليه مجيبة لندائه، فإذا انطلقت إليه أرسالًا (?)، فيومئذ لن يقف في طريقها أولئك الساسة المنافقون، ولا أولئك العلماء المتبجحون، ولا أولئك الديَّانون المخادعون، بل سوف يصيرون تبعًا، وقد طال ما خيلت لهم نفوسهم أنهم الرؤوس والسادة.

فأنا إن كتبت، فإنما أكتب لأتعجل قيام هذا الرجل من غمار الناس، لينقذنا من قبور جثمت علينا صفائحها (?) منذ أمد طويل. وليس بيننا وبين هذا البعث إلا القليل، ثم نسمع صرخة الحياة الحرة العادلة يستهل بها كل مولود على هذه الأرض الكريمة التي ورثناها بحقها، ليس لنا في فتر (?) منها شريك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015