يجاهر بعض اليهود بنقض العهد الذي كتبه رسول الله بينه وبينهم عند مقدمه المدينة، فيكون مقتل اليهودي أبي عَفَك، ثم تكون غزوة يهود بني قينقاع، ثم استعانة أبي سفيان بن حرب بيهود بني النضير ينقلون إليه أخبار نبى الله. ثم يكون ما كان في يوم أحد من خروج عبد الله بن أبي بن سلول المنافق مع رسول الله حتى إذا بلغ رسول الله أُحُدًا انخزل ابن أبي في كتيبة أشياعه وهو يقول: "أيعصيني ويطيع الولدان؟ "، ثم يهزم المسلمون، فإذا عادوا إلى المدينة شمت بهم عبد الله بن أبي بن سلول وأصحابه المنافقون، وأظهرت اليهود القول السئ، يقولون: ما محمد إلا طالب ملك! ما أصيب هكذا نبى قط! أصيب في بدنه، وأصيب في أصحابه. ثم لا تمضي خمسة أشهر حتى يحاول يهود بني النضير قتل رسول الله غدرًا حين جاء منازلهم، فأتمروا أن يطرحوا عليه صخرة من فوق البيت الذي هو تحته، فجاءه الوحي بما هموا به. ثم يخرج أبو رافع سلام ابن أبي الحقيق اليهودي بعد أشهر إلى "غطفان" ومن حولهم من مشركى العرب، يغريهم بقتال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. ثم. . .

ولا تزال تمضي من حدث إلى حدث، ومن غدر إلى غدر، ومن نفاق إلى نفاق، واليهود رأس ذلك كله، والعاملون عليه، والموغلون فيه، إلى أن تنتهي إلى خبر اليهودية التي وضعت السم في الشاة ودعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو بخيبر، فأكل من شاتها ثم نبئ أنها مسمومة فلفظها.

فما معنى هذا كله؟ معناه أن اليهود لم يفتر لهم لسان ولا يد ولا غش ولا غدر ولا خديعة ولا ضغن منذ ظهر أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأن هذه الشحناء لم تكن عن إساءة لحقتهم من الذين آمنوا بل كانت عصبية يهودية محضًا، وخليقة مركبة في طباع هذا الجنس من البشر، وأن النفاق كان طرفا من دسائسهم ومتنفسًا لأضغانهم على أهل هذا الدين، وأن الله قد وصفهم وصف الحق إذ يقول تباركت أسماؤه: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ (78) كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (79) تَرَى كَثِيرًا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015