أصحاب الصناعات إلى عامة الناس. وهذا شيء مخوف مدمر للجهود التي بذلتها طائفة من السلف القريب في تسديد خطى هذا الشعب وترقيته وتهذيبه وتطهيره من الجهل والبلادة والغفلة. وإذا طال ذلك ولم نعالجه في مدارسنا وجامعاتنا وصحافتنا، وفي دور التسلية، وفي أندية المجتمع، فالعاقبة الوخيمة بالمرصاد لمن أهمل وأضاع وترك الأشياء تمضي في غير عنان وعلى غير هدى.
ونحن الآن أحوج ما نكون إلى صحافة جديدة حرة لا تخاف شيئًا ولا تخشى، تدل على مواضع العيب لا للطعن والتشهير وسب هذه الأمة، بل لعلاجها والدفاع عنها ونصرتها على نفسها. ونحن الآن أحوج ما نكون إلى شباب من الكُتاب وشيوخ من المحنكين يخلصون الرأي لهذه الأمة، فلا يدعون الفرصة تفوت ويحملون الشعلة الجديدة إلى الجيل الجديد الذي لم يلوثه العناد والكبرياء واللجاجة والمراء. ونحن الآن أحوج ما نكون إلى طائفة ممن خبروا الحياة وعرفوها ليكونوا شهداء على مدارسنا وجامعاتنا وصحافتنا، تستعين بهم الدولة على نهج جديد يمنع عن جماهير الشباب وطوائف الأمة كل ما نريد هذه البلبلة إيغالا وضراوة.
إن الزمن يمضي مضاء حثيثًا كالنار في الهشيم، فإن شئنا أن نحيي وأن نستعد للذي أعدنا الله له من الظهور في الأرض، وإصلاح ما اختل من شئونها، فعلى كل قادر أن يجمع أمره، وأن يدعو أصحابه، وأن يلم الشعث المتفرق ممن يظن فيهم خيرًا، لكي يتعاونوا جميعًا على رد هذا البلاء بالرفق في مواضع الرفق، وبالبأس في مواضع البأس، وبالبتر حيث لا يجدى شيء إلا البتر بلا هوادة ولا رحمة. . .