وعمل وإتقان وأصحاب مال وافر وأنهم إذا تم لهم إقامة دولة يهودية في قلب البلاد العربية، فذلك إيذان باستيلائهم على الميادين الاقتصادية كلها، وأن يهود إذا فعلت ذلك ضمنت لأمريكا الحق الأول في السياسة الاقتصادية في الشرق الأوسط كله. وإذن فأمريكا تريد أن تلتمس أسبابًا للتدخل في مسألة فلسطين، فهي تؤيد اليهود مستهينة بمصالحها في بلاد العرب، لكي يقع القتال بين العرب واليهود، وتنتهز هي الفرصة فتعين اليهود بالمال والسلاح والرجال، ثم تلعب هي وبريطانيا لعبًا خبيثًا في هيئة الأمم المتحدة لكي يجندوا جيشًا دوليًا لتنفيذ مشروع التقسيم بالقوة، ويكون قوام هذا الجيش من أهل العصبية الصهيونية الذين استشرى أمرهم في بلاد أمريكا. ويومئذ تدخل أمريكا الشرق الأوسط كله بصك توقعه لها هيئة الأمم المتحدة - أي سوق الرقيق الدولية.

وإذن فالأمر كما ترى بَيّن كإسفار الصباح، وهو أن هاتين الدولتين الاستعماريتين تتخذان أسلوبين مختلفين في الظاهر متفقين في الباطن، يفضى إلى حمل العرب على قتال يهود. ونِعم ما أرادا.

ونحن العرب نقبل منهما هذا التحريض الخبيث، لأننا نريد أن نقاتل اليهود قتالا لا هوادة فيه، فإن دماءنا ليست أغلى من حريتنا وشرفنا وديننا. ولعل أمريكا قد سمعت لأولئك الأفاقين اليهود الذين يزعمون لها أننا نهدد على غير طائل وإنما هي جعجعة ولا طِحْنَ لها (?)، فآثرت أن تكشف سوءتها وقبيح نيتها للعرب وتصالح اليهود وتتملقهم وتحطب في حبالهم. فلتعلم أمريكا ولتعلم بريطانيا أنا لسنا كاليهود ولسنا كسواهم من الذين يجرؤون لأنهم يحملون أسباب الغدر والخيانة والإبادة، فلو لقوا أعداءهم وجهًا لوجه لفروا واندحروا صاغرين. إن العرب ليريقون دماءهم في سبيل الحرية والشرف والنبل وإن كانت كثرة السلاح مما يعوزهم، وفرق بين النذل الجبان والشريف الشجاع، فهذا يكون أقل السلاح حصنًا له وحافزًا ومحرضًا، وذلك إذا رأى حملة صدق انتثرت نفسه وطار قلبه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015