هكذا كان أمر بريطانيا وأمر أمريكا، وإذا هيئة الأمم المتحدة ترسل لجنة إلى فلسطين لتضع تقريرًا، وإذا هذا التقرير فجور ليس بعده فجور، ولا عجب فإنها لجنة كانت أول أمرها ضالعة مع اليهود، فقسمت أو أشارت بأن تقسم فلسطين قسمة جائرة بين العرب واليهود. أما العجب العجاب فهو أن نرى بريطانيا العظمى ذات السلطان والبأس والبطش، تذل لعدوان اليهود على جنودها وعلى جلد ضباطها وشنقهم واختطافهم وتعذيبهم، ثم يأتي قرار التقسيم الذي اقترحته اللجنة، فإذا بريطانيا تزعم أنها سوف تجلو عن فلسطين وتدع العرب واليهود لكي يحلوا هذه المشكلة المستعصية على ساسة بريطانيا العظمى أيضًا! ! . . .

فماذا تريد بريطانيا بهذا الانسحاب المفاجئ بعد أن كانت هي سر النكبة التي نزلت بساحة العرب مسلمهم ونصرانيهم في فلسطين وفي سائر بلاد العربية؟ لا جرم أنها تريد أن يقع القتال بين العرب واليهود، وتخرج هي سالمة من هذا الصراع، وهي في خلال ذلك سوف تعطي اليهود من المعونة والسلاح، ويجهد أسطولها خفية في تهريب الأفاقين إلى فلسطين.

أما أمريكا فهي تضحك الثكالى بسياستها في هذه المشكلة، فهي تلجأ إلى هيئة الأمم المتحدة ويقوم مندوبها في اجتماع اللجنة الخاصة ببحث مشكلة فلسطين، ويكشف القناع عن سياسة هذه الدولة المحدثة في السياسة ويقول إن حكومته تؤيد مشروع تقسيم فلسطين، وتؤيد سياسة الهجرة التي اقترحتها لجنة التحقيق في تقريرها، وليس هذا فحسب، بل تتبرع هذه السياسة الأمريكية فتقترح تجنيد قوة دولية من المتطوعين بواسطة هيئة الأمم المتحدة، لكي تتولى الإشراف على تنفيذ قرارات الجمعية العمومية.

فماذا تريد أمريكا بهذا التدخل المفاجئ، بعد أن كانت بمعزل عن الغلو في السياسة الاستعمارية، ولها مصالح كثيرة في بلاد العرب تعمل جاهدة على تثبيتها وتوطيدها؟

لا ريب في أنها تريد أن تحل محل بريطانيا في حمل خبائث الاستعمار بعد أن شاخت أمُّ الخبائث، ولا ريب في أن نفسها تسول لها أن اليهود أهل جد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015