5 - وأن كل دعوةٍ يُراد بها أن نعود إلى المفاوضة في حقٍّ من الحقوق المكفولة لسائر البشر، ليست إلا خيانة توجب على مُرتكبها ما توجبه سائر الخياناتِ من قصاصٍ.

6 - وأن مصر والسودان أمةً واحدة، سوف تتولى بنفسها عقاب كل خائن.

هذا مختصر ما ينبغي لبريطانيا وساستها أن يعلموه علم اليقين.

أما مراسلوها وجواسيسها الذين كُلِّفوا بأن يحملوا إليها الأنباء التي تهتدى بها في سياستها التي تخصُّ مصر والسودان فقد كذبوها أفحش الكذب، لا لأنهم يريدون الكذبَ على أُمَّتهم البريطانية، كلا، بل لأنهم جهلوا كلَّ الجهل طبيعة الشعب المصري السوداني، وخدعتهم الظواهرُ عن حقيقة النار المضطرمة في أحشاء مصر والسودان، منذ استيقن شعب مصر والسودان أن بريطانيا أمة من أخلاقها الغَدْر والوقيعة وإخلاف الوعدِ والتلوُّن في ألفاظٍ من بهرج الكلام وزائفه ونحن لن ننصبَ أنفسنا لإفهام هؤلاء القوم ما طبيعة شعب مصر والسودان، ولكنَّا سنحدثهم عن مسألة المفاوضة نفسها كيف كان من أمرها، ولهم بعد ذلك أن يحكموا بما يشاؤون، فإن إخراجَ الغُرور من رأسِ المغرور أعسر من ردّ النور إلى عيْنَي الأكمه (?)؛ ولاسيَّمْا إذا كان غرورًا بريطانيًّا متغطرسًا.

ففي أوائل القرن الماضي قام في مصر فتى ينادي في جنبات هذا الوادي: "بلادي! بلادي" فهبَّتْ مصر والسُّودان تتلفَّت مستجيبة لهذا الداعي النبيل الصوت، الحبيب النداء، القويّ الإيمان. لقد كانت مصر والسودان هي التي تنادي مصر والسودان، فهي دَمُه، وهي أعصابه، وهي نفْسه، وهي جنانه، وهي لسانه، وهي حقيقته التي صار بها هذا الفتى يُدعى بين الناس "مصطفى كامل". ثم أوحت مصر والسودان إلى فتاها أن يقذفَ في وجه بريطانيا ذاتِ البأس بكلمتها الخالدة: "لا مفاوضة إلا بعد الجلاء"، لأَن حقيقة مصر والسودان المستقرِّة في بنيان هذا الفتى كانت تعلم من سرّ ضميرها أن هذا هو الحق، وأما كلّ شيءٍ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015