وقلة تجربتها، قد جعلت العالم الغربي كله يتنبَّه إلى أن في الدنيا شيئًا من القوة لا يَنفع في الخلاص منه سلاحٌ فتَّاك ولا غطرسةٌ حربية. فإذا اجتمعت الكلمةُ في الشرق كله، وهبَّت الأمم الشرقية كلها مرة واحدة لاستيقظ العالم كله على صوت هذه الضجة المدوِّية، ولطالبت الأمم الغربية نفسها بدراسة هذه المسائل المعقدة وفهمها على وجهها الصحيح، لا على الوجه الَّذي ظلَّت بريطانيا وسواها من حكومات الاستعمار تعمل جهدها سنين مطاولة على تدليسه وبثِّه في صحافتها وكتبها وإذاعاتها. فلا سبيل إلى ردّ هذه الأكاذيب جملة واحدة إلا بأن نشعر العالم جملة واحدة بما نريد، فيتنبَّه ويستعدُّ للمعرفة، فنتخذ عندئذ كل وسيلة إلى إفهامه عدالة قضايانا، ونكشف له عن الأكاذيب التي أذيعتْ عليه من قبْلُ، ونفضح أساليب سياسة الاستعمار في تشويه الشعوب وقضايا الشعوب.

هذا رأيٌ، وطريقة العمل له ميسرة وواضحة. وهو شيءٌ كبيرٌ، ولكن صاحب الحقّ الَّذي يستهوِل الإقدام على بيان حقه بالأساليب التي ينبغي اتخاذها وإن عظمت، لن ينال شيئًا إلا العجز، وتراكم العجز بعد العجز، ثم ضياع حقه إلى الأبد.

ولقد بدأت مصر والسودان تخرج بقضيتها عن محيط المفاوضة إلى الاحتكام إلى الدول الممثلة في هيئة الأمم المتحدة، فينبغي على كل عربي وشرقيّ أن يحرّضَها على ركوب هذا الطريق وإن شق مسلكه، وينبغي على كل دولة عربية وشرقية أن تقف صحافتها وإذاعتها صفًّا واحدًا للجهاد في سبيل مصر والسودان -أي في سبيل فلسطين وليبية ومراكش والجزائر وتونس والهند وما وَالَاها، أي في سبيل الدفاع عن حقوق جميع الشعوب التي ذاقت مرارة الاستعمار ونكاله أجيالا أو أعوامًا. والعاقبة للمجاهدين الصابرين على لَأْوَاء (?) الجهاد وبأسائه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015