إلا أن تبقى في مصر لتشارك مصر في الدفاع عن أرض مصر العزيزة -على بريطانيا بطبيعة الحال!

"أفتظن هذه الفئة أن الله قد سلب الشعب المصري فطرته السليمة، حتى تخدعه كل هذه الترهات الباطلة التي يرسلها كهنة السياسة من كهوف المفاوضات على وادِيه المحرَّم؟ لئن ظنوا فقد خابت ظنونهم وباءوا بأخيب الرأي وأبعده عن مواقع الصواب. إن الذي بيننا وبين بريطانيا قد بان وتكشَّف لكل ذي بصر. نعم لقد مضَى على مصر دهر وهي مخدوعة بالمفاوضة، مخدوعة بقدرة السياسة على نيل الحقوق المهضومة، ولكن لم يبق في مصر بعد اليوم شابّ في قلبه ذرّة من إيمان بالحرية، في عقله ذرة من حسن التقدير وصدق التفكير، إلا وهو يعلم صدق العِلْم أن المفاوضة معناها كذب القويّ على الضعيف، وذلة الضعيف بين يدي القويّ. ونحن ننظر صابرين إلى هذا العبث الدائر بين رجال قد أحدُّوا أنيابهم، وأعدُّوا مخالبهم، رجال قد عرَّضوا مقاتل أُمتهم لهذا الضاري المفترس ليقضم منها حيث شاء كما شاء، ثم يقول للفريسة: لقد أعددت لك الأطباء والممرضين ليضمدوا جراحك ويحقنوا دمك، ويدفعوا عنك عادية الرَّدَى! وكذلك تكون شفقة الأسود الرحيمة!

"إن القضية المصرية أبسط قضيّة على وجه الأرض: غاصب قد أقرّت الدول جميعًا منذ سنة 1882 أنه غاصب معتدٍ، ومغصوبٌ لا يزال يصرخ منذ ذلك التاريخ، ويقول لأهل الدنيا: أنقذوني. فما معنى الدخول في المفاوضات بيننا وبين بريطانيا؟ إن العالم كله مطالب بإخراج بريطانيا من مصر، ونحن لا نحب أن نفاوض بريطانيا ولا ينبغي لنا أن نفعل، بل الذي ينبغي هو أن نفاوض الدول كلها إلا بريطانيا في شأن إخراج هذا الغاصب وإجلائه عن برّنا وجوّنا وبحارنا، وفي صدِّه عن عُدوانه على أعراضنا وعلى طعامنا وعلى أرزاقنا وعلى أخلاقنا وآدابنا وثقافتنا. . .

"إن بريطانيا دولة قوية ما في ذلك شك، ولكننا أقوى منها لأننا أصحاب حق. فليعلم هؤلاء المفاوضون أن مصر لن تقبل الدنيّة في مستقبلها ومستقبل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015