قرأت سؤال الأخ الفاضل "رشاد عبد المطلب"، وكنت أرجو أن أكون مخطئًا، كي أقرَّ له بخطأ ما جاء في قولي: "وجعل يقتطف منها حيث أراد"، وذلك لحسن أدبه، ولطف سياقه.
والقول في "اقتطف" إنها خطأ، وإنها لم ترد في كتب اللغة: كاللسان والأساس والقاموس والنهاية والمصباح. . . إلى آخر هذه الجملة -قول قديم، قد ذهب إليه المتأخرون من فضلاء المشتغلين باللغة في عصرنا وما قبله بقليل.
ولو لم يرد هذا الحرف في اللغة لوجب أن يوجد للغة وجوبًا بيانيًا من عدة وجوه، وليس هذا موضع تفصيل ذلك ولا هذا أوانه. وأنا لا أستطيع الآن أن أقف في الطريق لأتلفت إلى ما ورائي مما قد مضى زمنه. وإذ كان لابد في إقامة الدليل على صواب هذا الحرف، من شاهد عربي، فنحن نأتي به، وذلك من قول نابغة بني شيبان "عبد الله بن مخارق":
تُسْبِي القلوبَ بوجه لا كِفاء له ... كالبدر تَمَّ جمالًا حين ينتصفُ
تحت الخمار لها جَثْل تعكِّفُه (?) ... مثل العَثاكِيل سودًا حين تقتطف
لها صحيفةُ وجهٍ يُستضاء به ... لم يعل ظاهرها بَثْرٌ ولا كَلَفُ
وفي قديم الشِّعر من الرجز ما أحفظه ولا أُثبت موضعه: "يقتطِفْنَ الهاما" (?)، يصف السيوفَ. وبيت النابغة كافٍ في الدلالة والشهادة، وأدع ما وراء ذلك لمن يجعل همَّه اقتناص الكلمات الهاربة من معاجم اللغة.
وما دمنا في ذكر شاهد من شعر نابغة بني شيبان، نقول: إن أبا الفرج الأصفهاني زعم أنه نصراني، لأنه زعم أَنه وجد في شعره يحلف بالإنجيل