له الأبدان، وتراه متدفقًا طاغيًا لا تكاد تقف على كلمة منه إلا مرتاعًا قد قفَّ شعرك (?) عن هول ما تنقل إليك ألفاظه من معاني إحساسه الثائر المتفجر:
أنفاسه لهبُ الجحيم وخطوه ... خطو المنايا السود في فجآتها
. . . وبعد، فإن العالِمَ الثقةَ الثبت المحقق الدكتور بشر فارس قد عَلِمَ فَعلَّمَ! ! وأنا أشكرُ له ما علّمني، فأنا لا أحب أن أكون كالذي قيل في أمره: "لا تناظرْ جاهلًا ولا لجوجا فإنه يجعل المناظرة ذريعة إلى التعلُّم بغير شكر". ثم بصَّر "بشر" أيضًا بما كنت أَجهل من العروض واللغة والبيان، فأوغَرَ صدري، فنثرت حول قَهْري ما ملكت من نُفاية الكلام وكذلك طوّقتُ نفسي به زينة وحِلية أتبرّج بها للناس أو كما قال! وهو كذلك. . .
فأنا أحمد الله الذي كفاني شر الغرورِ والخيلاء، ولم يجعلني كالجاهلة الخرقاء التي زعموها تأنَّقت بما ليس فيها، ولا هو من طباعها، حتى ضربوا بها المثل فقالوا: "خرقاءُ ذات نِيقة" (?)، والحمد لله الذي لم يجعلني ممن يتزين بما ليس تملكه يداه، فقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "المتشبّع بما لم يُعْطَ كلابس ثوبي زُور" (?)، والحمد لله الذي جعلني جاهلًا يعرف أنه جاهل، ومن أين لمثلي العلم؟ أليس قد "ذهب العلم إلا غبارات في أوعية سوء" كما قال ابن شُبرمة في رواية بشر فارس عن ابن شبرمة: (بريد "الرسالة" العدد 346).
وقد قرر الأستاذ بشر أنه بصرني بأمور ثلاثة، وأني سلمت مرغمًا بأنه بصرنى بما كنت أجهل من أمرها! ! وإذا قرر الأستاذ بشر فقد وجب عليّ وعلى الناس التسليم بما قرر، أليس ذلك كذلك. بَلى، {سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} ومع ذلك، فمن غَلَبة الجهل علينا أن البحر الذي وضعه وسماه