للقيام بأعباء تجديد عمارة الأرض، بحضارة متميزة بنقائها وبراءتها من الأدواء الكامنة التي أدت إلى تقوضه ودماره.

وعالم الاستعمار عالم غير غافل، وهو متمكن كل التمكن من وضوح الرؤية، ومن تملك أسباب العمل ووسائله، فهو لا يتردد في سعيه سعيا حثيثا باستخدام أخبث الوسائل، إلى استبعاد شبح التقوض والدمار. فمن أفحش وسائله حرصه المتتابع البين حينا، والغامض حينا آخر على أن يخرب حياتنا وذلك بإدخال عناصر الفساد إلى عالمنا: بإفساد إرادتنا وإفساد عقولنا، وإفساد ثقافتنا، وإفساد ضمائرنا، وإفساد أذواقنا، وإفساد صورة ماضينا، وإفساد حاضرنا، أي بإفساد حياتنا كلها ليفسد مستقبلنا، ويحرص أيضًا على أن يوهمنا إيهاما مستمرا بأن مصيرنا مرتبط بمصيره، لكي يبلغ بنا حدا من العجز والتردد وتشتت القوى، يضمن له إطالة مدى بقائه غالبا متسلطا مسيطرا على هذا العالم كله بتفوقه الحربى والصناعى والعلمي.

وإذا كنا قد استطعنا، في هذه الفترة الأخيرة، أن نحدث في فكر عالم الاستعمار رجة شديدة الدوى باقتدارنا على (شراء سلاح متفوق) وعلى (حبس النفط) فإن هذا غير مُغن على طول المدى، وهو غير مضمون ضمانا مستمرا، لأنه غير متعلق بإرادتنا تعلقا صحيحا من جميع الوجوه وأثره في حياتنا أثر موقوت بميقات. ونحن مكلفون تكليفا محتوما أن نصحح وضع السلاح والنفط تصحيحا يقوم على أساس لا يختل، نملكه ولا يملكنا. وذلك بأن نصبح قادرين، في عالمنا نحن، على صنع السلاح المتفوق، حتى لا يكون مصيرنا معلقا على إرادة بائع السلاح الذي يملك القبض والبسط في ساعة العسرة = وأيضا أن يتخطى نفطا كل السدود التي ضربت عليه لكي يظل في حياتنا سلعة فحسب، سلعة تدر المال الوفير علينا، دون أن تكون لنا قدرة على استخدامه في الوجوه التي يستخدمها فيه عالم الاستعمار، ومعنى ذلك أن نحاول بالعزم والحزم والقوة أن نحرج نفطنا من حيزه المضروب عليه، لكي يصبح عاملا إيجابيا منتجا، يتيح لنا التسلط على أسباب التفوق الصناعى والحربي معا. وهذا بلا ريب

طور بواسطة نورين ميديا © 2015