أكشفُ له ولغيره من أين أخذَ كلامَه؟ ومن هو هذا "الثّقات" الذي يروى عَنْه؟ فهذا "الثقات" رجلٌ من الرافضة كان في زمن ابن تيمية. ألف كتابًا سمّاه "منهاج الكرامة"، فانبرى له ابن تيمية يردّ عليه في كتابٍ سماه "منهاج السنة" فكان ممّا نقله من نصّ كلامه (2: 201) "وسمّوه (يعني معاوية) كاتب الوحي، ولم يكتب له كلمة واحدة من الوحي، بل كان يكتب له رسائل (وزاد كاتبنا هذا ما لا نعرف معناه، الحوائج والصدقات! ! ). وقد كان بين يدي النبي - صلى الله عليه وسلم -، أربعة عشر نفسًا يكتبون الوحي، أولهم وأخَصُّهم وأقربهم إليه عليّ بن أبي طالب - رضي الله عنه -، مع أن معاوية لم يزلْ مشركًا بالله تعالى في مدة كون النبيّ - صلى الله عليه وسلم - مبعوثًا يكذّب بالوحي ويهزأ بالشرع". ولستُ أدري لم ترك هذا الكاتبُ سائرَ ما ذكره الرافضيّ، فيزعم أيضًا أنّ معاوية ظل مشركًا لم يؤمِنْ مدّة بعثة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ كلا كلا فلعلّه استغنى عَنْه بأن جَعَله بطريق آخر "بريئًا من الإسلام والإسلامُ برئ منه"!

وقد ردّ ابن تيمية في ص 214 بقوله: "هذا قول بلا حجة ولا علم، فما الدليل على أنه لم يكتب له ولا كلمة واحدة من الوحي، وإنما كان يكتب له رسائل". وأزيد أنا فأقول: أوَ من الهين عند هذا الكاتب وأشباهه أن يكتب امرؤ لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - رسائله؟ ! أكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يملى رسائل لشغل فراغه، وقضاء حوائجه، ومجاذبة أصدقائه، والتلهي بإملاء صغائر الأمور التي يتعايش بها الناس في شئون دنياهم! ! عجيب! ولكن لا عجب في زماننا، ومن أين يأتي العجب، بل كيف يطيق إنسان أن يعجب بعد أن تبلد حسه بالعجائب تترى لا تنقطع، حتى صار المعروف منكرًا والمنكر معروفا! وأنا لن أدلّ الكاتب على حيث قيل إن معاوية كان يكتب الوحي لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -. ولكني أحب أن يأتي هو الناس "بثقات" آخر ينفي أن يكون معاوية كتب الوحي لرسول الله، وأنه إنما كان يكتب له في الرسائل. . . والحوائج والصدقات أيضا!

وإذا كان قد استطاع بالأمانة والذمة أن يزيف قول من قال إنه كان يكتب الوحي لرسول الله، بأن ذلك من قول أنصار معاوية أشاعوه وأذاعوا به، أفلا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015