رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فلو شاء هذا الكاتب أن يحقق معنى العدل والدينِ فيما يكتبُ، لوجد الطريق واضحًا لا يضطرب عليه، ولكنه ركب أهواء الرافضة حيث رَكِبوا، فأخذ ما حمله له الهَوى من الطعن في يزيد ليطعن أباه - رضي الله عنه - وغفر له، وهو يعلم أنه أحدُ أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. نعم ليس من أدب أهل المروءة، ولا أقول الدين أن يؤخذ الوالد بجريرة ولده، إلا ببينة لا تردُّ، ولكنه فعل. لا بل فعل أيضًا ما هو أكبر من ذلك في سبيل الطعن على رجل كان ينبغي أن يمسك لسانه عنه في الخطأ الظاهر، لأنه أحد أصحاب رسول رب العالمين، فإن لم يستطع أن يمسك لسانه فليطلقه بالاستغفار لهُ كما أمره ربه أن يستغفر لأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. نعم ليس من أمانة التاريخ في شيء، بل ليس من أمانة العقل في شيء، بل ليس من أمانة الإنسان مجردًا من كل دين يتبعُه، أن يرفُضَ الروايات الصحيحة والأخبار المحكمة، لخبر مجهول لم يوجد إلا في كتاب طعَّان معروف بثلب عدوٍّ له، ويرفضها كلها لقاعدة أقامَ عليها رفضه، هي أن هذه الروايات الصحيحة والأخبار المحكمة إنما أشيعت بعد الظفر بالملك، أشاعها الأنصارُ والأتباع، كما يفعل سائر الدعاة. ثم لا يتوقى أن يكون الطعن والسلب من العدو، هو أيضًا من إشاعة الأعداء والمفترين، كما يفعلُ سائر الدعاة حين يريدون التشنيع على أعدائهم والوقيعة فيهم، وصرْف الناس عنهم، وهاك المثل.

يقول هذا الكاتب: "بَقى ما اشتهر خطأ من أن معاوية كان كاتب الوَحْى لرسول الله. فالصحيح أنّ أبا سفيان حين أسلم، رجَا النبيّ (- صلى الله عليه وسلم -) في أن يسند إلى معاوية شيئًا يعتزُّ به أمام العرب، ويعوّض عن سُبّة التأخر في الإسلام، وأنه من الطلقاء الذين لا سابقة لهم في الإسلام، فاستخدمه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في الرسائل والحوائج والصدقات. ولم يقل أحدٌ من الثقات: إنهّ كتب للنبى شيئًا من الوحي، كما أشاعَ أنصارُه بعد استقرار الملك، كما يصنَعُ سائر الدعاة! ". سبحان الله! "لم يَقُل أحدٌ من الثِّقات"؟ فأين الثقات الذين قالوا إنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - استخدمه "في الرسائل والحوائج والصَّدَقات"! ! وأنا لا أتعرّضُ هُنَا لفسادِ معنى هذا الكَلامِ من حيث هو كلامٌ عربيٍّ له دلالة على معانيه، بالألفاظ التي ذكرها هذا الكاتب، بل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015