عائشة كانت - وهي زوج النبي - لا تؤمن به ولا تعمل بدينه، ولا دليل على هذا ولا ذاك". وهذا كلام حق في ذاته لا شبهة فيه، ولكن الدكتور بشر فارس رأى أنه ليس من نوع البحث العلمي البحت، وأنه من نوع الدفاع والحذق في الجدل؛ فقال: "والذي أراه أن هذا الاستدلال مجتلب بل محض ذاتي، وذلك لأننا نعلم من طريق المشاهدة والملاحظة أن البشر يتفق لهم أن يزلوا إن كانوا من أهل التصديق والإيمان, ولولا هذا ما احتاجوا إلى رب تواب ... وكيفما كانت الحال فإن قصة الإفك لا تحتاج إلى مثل ذلك الاجتهاد ... (?)، فسيرة الصديقة في أيام النبي وبعده تبدو فوق الشبهة، وأما سيرة صفوان فنزيهة بشهادة الرسول نفسه".

وهذا كلام صحيح أيضًا، فعائشة في إيمانها ودينها وتقواها وسيرتها في حياة النبي وبعده فوق مستوى الشبهات، سيرة الأطهار والأبرار، ولا يمكن لمنصف أن يفهم من كلام الدكتور بشر غير هذا، ولكن الأستاذ العقاد لم يتورع عن أن يرمي الدكتور بشرًا بما لا يُفهم من كلامه بأي وجه من وجوه التأويل، فهو يقول (أي العقاد): "وإذا كان لهذا الكاتب عذر من قلة الفهم، فكان ينبغي أن يتجنب قلة الذوق؛ لئلا يجمع بين الفقرين السيئين، وفي واحد منهما كفاية، فلا يحسب علينا أن نطيل القول في حديث الإفك دفاعًا وتصحيحًا، وهو يطيل القول فيه للتوهين والتشكيك".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015