وبعد؛ فلا نكاد نفرغ من شأن للعقاد حتى يبدو لنا شأن؛ فإنه يكبر عليه أن يقول له إنسان: "أخطأت". أو يجادله في كلمة مما يقول، وإنما يريد من الناس الخضوع والتسليم، أصاب أم أخطأ، وهو يعرض كتبه على الناس، وفيها الصحيح الجيد، وفيها الزيف الباطل، ولكن هكذا هو.
فقد كتب الأستاذ بشر فارس كلمة في المقتطف قال فيها رأيه في كتاب "الصديقة بنت الصديق" فذكر مزايا رآها في الكتاب، وبدا له أن ينقده بعض النقد الهادئ اللين، فكان العقاد على سجيته، ثار به ثورته المعروفة، وقرعه وندد به، بل أراد أن يوقع بينه وبين قرائه بالتزيد عليه في تحميل كلامه ما لا يحتمل، وحذف آخره يزعم أنه يبهته بأوله.
فقد قال العقاد في كتابه (ص 102) في شأن قصة الإفك: "على الذي يقبل وشاية كتلك الوشاية الواهية أن يروض عقله على تصديق أمور كثيرة لا موجب لتصديقها؛ لأنها تفتقر إلى كل دليل، والأدلة على ما يناقضها كثيرة، عليه أن يصدق أن صفوان بن المعطل كان رجلًا لا يؤمن بالنبي ولا بأحكام الإِسلام، وأن يصدق أن السيدة