بعلمه وهديه وعقله، رأوا رجلًا لم تر الأعين مثله، فلزموا مجلسه، يفيدون منه علم الكتاب وعلم الحديث، ويأخذون عنه اللغة والأنساب والشعر، ويفيدهم في بعض وقته في الطب، ثم يتعلمون منه أدب الجدل والمناظرة، ويؤلف الكتب بخطه، فيقرأون عليه ما ينسخونه منها، أو يملي عليهم بعضها إملاء، فرجع أكثرهم عما كانوا يتعصبون له، وتعلموا منه الاجتهاد ونبذ التقليد، فملأ الشافعي طباق الأرض علمًا.
ومات ودفن بمصر، وقبره معروف مشهور إلى الآن وعاش 54 سنة، ولد سنة 150 بغزة، ومات ليلة الجمعة، ودفن يوم الجمعة بعد العصر آخر يوم من رجب سنة 204 (?) (الجمعة 29 رجب سنة 204 يوافق 19 يناير سنة 820 ميلادية، 23 طوبه سنة 536 قبطية).
وليس الشافعي ممن يترجم له في أوراق أو كراريس، وقد ألف العلماء الأئمة في سيرته كتبًا كثيرة وافية، وجد بعضها وفقد أكثرها. ولعلنا نوفق إلى أن نجمع ما تفرق من أخباره في الكتب والدواوين، في سيرة خاصة به، إن شاء الله.
وقد يفهم بعض الناس من كلامي عن الشافعي أني أقول ما أقول عن تقليد أو عصبية، لما نشأ عليه أكثر أهل العلم من قرون كثيرة، من تفرقهم شيعًا وأحزابًا علمية، مبنية على العصبية المذهبية، مما أضر