فكتب إليه نافع:
«بسم الله الرحمن الرحيم، أما بعد: فقد أتانى كتابك تعظنى فيه وتذكرنى، وتنصح لى وتزجرنى، وتصف ما كنت عليه من الحق، وما كنت أوثره من الصواب، وأنا أسأل الله جلّ وعزّ أن يجعلنى من «الّذين يستمعون القول فيتّبعون أحسنه» وعبت علىّ ما دنت به من إكفار القعد وقتل الأطفال واستحلال الأمانة، فسأفسّر لك لم ذلك إن شاء الله:
أما هؤلاء القعد: فليسوا كما ذكرت ممّن كان بعهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنهم كانوا بمكة مقهورين محصورين، لا يجدون إلى الهرب سبيلا، ولا إلى الاتصال بالمسلمين طريقا، وهؤلاء قد فقهوا فى الدين، وقرءوا القرآن، والطريق لهم نهج واضح، وقد عرفت ما قال الله عز وجل فيمن كان مثلهم، إذ «قالوا كنا مستضعفين فى الأرض» فقيل لهم «ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها» وقال «فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلافَ رَسُولِ اللَّهِ» (?) وقال «وَجاءَ الْمُعَذِّرُونَ مِنَ الْأَعْرابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ» (?) فخبّر بتعذيرهم وأنهم كذبوا الله ورسوله، وقال: «سَيُصِيبُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ» فانظر إلى أسمائهم وسماتهم (?)».