وذكروا أن معاوية كان يغرى بين مروان بن الحكم وسعيد بن العاص، وكان قد عزل مروان بن الحكم عن المدينة وولى عليها سعيد بن العاص (سنة 49 هـ).
وكتب إليه يأمره بقبض أموال مروان كلّها فيجعلها صافية، ويقبض فدك (?) منه- وكان وهبها له- فراجعه سعيد فى ذلك وقال: قرابته قريبة (?)، فكتب إليه ثانية آمره باصطفاء أموال مروان فأبى، وأخذ سعيد الكتابين فوضعهما عند جارية، ثم عزل عن المدينة سنة 54 هـ، ووليها مروان بن الحكم، فكتب إليه معاوية يأمره بقبض أموال سعيد بالحجاز، وأرسل مروان إليه بالكتاب مع ابنه عبد الملك، فخبّره أنه لو كان شيئا غير كتاب أمير المؤمنين لتجافيت، فدعا سعيد بالكتابين اللذين كتب بهما معاوية إليه فى أموال مروان يأمره فيهما بقبض أمواله، فذهب بهما إلى مروان، فقال: هو كان أوصل لنا منّا له، وكفّ عن قبض أموال سعيد، وكتب سعيد إلى معاوية:
«العجب ممّا صنع أمير المؤمنين بنا فى قرابتنا أن بضغن بعضنا على بعض، فأمير المؤمنين فى حلمه، وصبره على ما يكره من الأخبثين، وعفوه، وإدخاله القطيعة بيننا والشّحناء، وتوارث الأولاد ذلك (?)، فو الله لو لم نكن بنى أب واحد إلا لما جمعنا الله عليه من نصر الخليفة المظلوم وباجتماع كلمتنا، لكان حقا علينا أن نرعى ذلك، والذى أدركنا به خير».