وقال الآخر:
إن أخاك الصّدق من لم يخدعك ... ومن يضير نفسه لينفعك (?)
وقد قال عبيد بن الأبرص:
واعلمن علما يقينا أنه ... ليس يرجى لك من ليس معك
ولا تزال بخير ما كان لك واعظ من نفسك، وعين من عقلك على طباعك، أو ما كان لك أخ نصيح، ووزير شفيق، والزوجة الصالحة عون صدق، والسعيد من وعظ بغيره، فإن أنت لم ترزق من هذه الخصال (?) خصلة واحدة، فلا بدّ لك من نكبة موجعة، يبقى أثرها، ويلوح لك ذكرها؛ ولذلك قالوا: «خير مالك ما نفعك» ولذلك قالوا: «لم يذهب (?) من مالك ما وعظك».
إن المال محروص عليه، ومطلوب فى قعر البحار، وفى رءوس الجبال، وفى دغل الغياض (?)، ومطلوب فى الوعورة كما يطلب فى السّهولة، وسواء فيها (?) بطون الأودية، وظهور الطرق، ومشارق الأرض ومغاربها، فطلبت بالعز، وطلبت بالذل، وطلبت بالوفاء، وطلبت، بالغدر، وطلبت بالنّسك كما طلبت بالفتك، وطلبت بالصدق كما طلبت بالكذب، وطلبت بالبذاء، وطلبت بالملق، فلم تترك فيها حيلة ولا رقية