الأغنياء بفضل العلم، فقلت: حالهما هى القاضية بينهما، وكيف يستوى شىء ترى حاجة الجميع إليه، وشىء يغنى بعضهم فيه عن بعض؟

وعبتمونى حين قلت: إن فضل الغنى على القوت إنما هو كفضل الآلة تكون فى الدار: إن احتيج إليها استعملت، وإن استغنى عنها كانت عدّة، وقد قال الحضين (?) بن المنذر: وددت أنّ لى مثل أحد (?) ذهبا لا أنتفع منه بشىء، قيل:

فما ينفعك من ذلك؟ قال: لكثرة من كان يخدمنى عليه، لأن المال مخدوم، وقد قال بعض الحكماء: «عليك بطلب الغنى فلو لم يكن لك فيه إلّا أنه عزّ فى قلبك، وذلّ فى قلب عدوّك، لكان الحظّ فيه جسيما، والنفع فيه عظيما» ولسنا ندع سيرة الأنبياء، وتعليم الخلفاء، وتأديب الحكماء، لأصحاب الأهواء (?). كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر الأغنياء باتخاذ الغنم، والفقراء باتخاذ الدّجاج، وقال «درهمك لمعاشك، ودينك لمعادك» فقسّموا الأمور كلها على الدين والدنيا، ثم جعلوا أحد قسمى الجميع الدرهم.

وقال أبو بكر الصديق رضى الله عنه: «إنى لأبغض أهل بيت ينفقون نفقة الأيام فى اليوم الواحد» وكانوا يبغضون أهل البيت اللّحمين (?)، وكان هشام (?) يقول:

«ضع الدرهم على الدّرهم يكون مالا» ونهى أبو الأسود الدّؤلى (?) وكان حكيما أديبا، وداهيا أريبا (?) عن جودكم هذا المولّد، وعن كرمكم هذا المستحدث، فقال لابنه:

«إذا بسط الله لك فى الرزق فابسط، وإذا قبض فاقبض، ولا تجاود (?) الله فإن الله

طور بواسطة نورين ميديا © 2015