إرهاق (?) الله إياه، وقطعه رجاءه من كل حيلة ومتعلّق، وانقطاع المنافع عنه، وحيل بينه وبين الماء فضلا عن غيره، حتى همّ به خدمه وأشياعه من أهل المدينة ومن نجامعه إليها، وتحزّبوا على الوثوب به للدّفع عن أنفسهم والنجاة بها، وغير ذلك مما فسّرت لأمير المؤمنين- أطال الله بقاءه- مما أرجو أن يكون قد أتاه.
وإنى أخبر أمير المؤمنين أنى روّيت فيما دبّر هرثمة بن أعين مولى أمير المؤمنين فى المخلوع، وما عرض عليه وأجابه إليه، فوجدت الفتنة، فى تخلّصه من موضعه الذى قد أنزله الله فيه بالذّلة والصّغار، وصيّره فيه إلى الضّيق والحصار تزداد، ولا يزيد أهل التربّص فى الأطراف إلا طمعا وانتشارا. وأعلمت ذلك هرثمة بن أعين وكراهتى ما أطمعه فيه وأجابه إليه- فذكر أنه لا يرى الرجوع عما أعطاه فصادرته- بعد يأس من انصرافه عن رأيه- على أن يقدّم المخلوع رداء رسول الله صلى الله عليه وسلم وسيفه وقضيبه قبل خروجه، ثم أخلى له طريق الخروج إليه، كراهة أن يكون بينى وبينه اختلاف نصير منه إلى أمر يطمع الأعداء فينا، أو فراق القلوب بخلاف ما نحن عليه من الائتلاف والاتفاق على ذلك، وعلى أن نجتمع لميعادنا عشيّة السبت.