قيل إن رجلًا من بني تميم يقال له ضمرة بن ضمرة، كان يغير على مسالح1 النعمان بن المنذر، حتى إذا عيل صبر النعمان، كتب إليه أن ادخل في طاعتي، ولك مائة من الإبل؛ فقبلها وأتاه؛ فلما نظر إليه ازدراه -وكان ضمرة دميمًا- فقال: تسمع بالمعيدي لا أن تراه2. فقال ضمرة: مهلًا أيها الملك. إن الرجال لا يكالون بالصيعان3. وإنما المرء بأصغريه قلبه ولسانه. إن قاتل بجنان. وإن نطق نطق ببيان. قال: صدقت لله درك هل لك علم بالأمور والولوج فيها؟ قال: والله إني لأبرم منها المسحول4. وأنقض منها المفتول. وأحيلها حتى تحول، ثم أنظر إلى مايئول. وليس للأمور بصاحب. من لا ينظر في العواقب. قال: صدقت، لله درك! فأخبرني: ما العجز الظاهر، والفقر الحاضر، والداء العياء5، والسوءة السوءاء؟
قال ضمرة:
"أما العجز الظاهر؛ فالشاب القليل الحيلة. اللزوم للحليلة. الذي يحوم حولها. ويسمع قولها؛ فإن غضبت ترضاها. وإن رضيت تفداها. وأما الفقر الحاضر؛ فالمرء لا تشبع نفسه. وإن كان من ذهب خلسه6. وأما الداء العياء: فجار السوء، إن كان فوقك قهرك، وإن كان دونك همزك7. وإن أعطيته كفرك، وإن منعته شتمك؛ فإن كان ذلك جارك، فأخل له دارك، وعجل منه فرارك، وإلا فأقم بذل