فقال: السلام عليك يا بن أبي سفيان، هذا كتاب أمير المؤمنين، فقال معاوية: أما إنه لو كانت الرسل تقتل في جاهلية أو إسلام لقتلتك، ثم اعترضه معاوية في الكلام، وأراد أن يستخبره، ليعرف طبعًا أو تكلفًا، فقال له ممن الرجل؟ قال من نزار، قال وما كان نزار؟ قال كان إذا غزا انكمش1، وإذا لقي افترش2، وإذا انصرف احترش3، قال فمن أي أولاده أنت؟ قال من ربيعة، قال وما كان ربيعة؟ قال: كان يطيل النجاد4، ويعول العباد، ويضرب ببقاع الأرض العماد. قال فمن أي أولاده أنت؟ قال من جديلة، قال وما كان جديلة؟ قال كان في الحرب سيفًا قاطعًا، وفي المكرمات غيثًا نافعًا، وفي اللقاء لهبًا ساطعًا، قال فمن أي أولاده أنت؟ قال من عبد القيس، قال وما كان عبد القيس؟ قال كان حسنًا أبيض5 وهابًا، يقدم لضيفه ما وجد، ولا يسأل عما فقد، كثير المرق، طيب العرق، يقوم للناس مقام الغيث من السماء، قال ويحك يا بن صوحان! فما تركت لهذا الحي من قريش مجدًا ولا فخرًا؟ قال بلى والله يا بن أبي سفيان؟ تركت لهم ما لا يصلح إلا لهم، تركت لهم الأحمر والأبيض والأصفر6، والسرير والمنبر7، والملك إلى المحشر. ففرح معاوية، وظن أن كلامه يشتمل على قريش كلها، قال: صدقت يا بن صوحان، إن ذلك لكذلك، فعرف صعصعة ما أراد، فقال: ليس لك ولا لقومك في ذلك إصدار ولا إيراد8، بعدتم عن أنف9 المرعى، وعلوتم عن عذب الماء، قال ولم ذلك؟ ويلك يا بن صوحان! فقال الويل لأهل النار،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015