ونقمته، ما أمات باطله، وحق ضلاله، وجعل دائرة السوء به، وأحيا شرفنا وعزنا، ورد إلينا حقنا وإرثنا.
أيها الناس، إن أمير المؤمنين – نصره الله نصرًا عزيزًا– إنما عاد إلى المنبر بعد الصلاة، أنه كره1 أن يخلط بكلام الجمعة غيره، إنما قطعه عن استتمام الكلام بعد أن اسحنفر2 فيه شدة الوعك، وادعوا الله لأمير المؤمنين بالعافية، فقد أبدلكم الله بمروان عدو الرحمن، وخليفة الشيطان، المتبع للسفلة الذين أفسدوا في الأرض بعد إصلاحها، بإبدال الدين، وانتهاك حريم المسلمين، الشاب3 المتكهل المتمهل، المقتدي بسلفه الأبرار الأخيار، الذين أصلحوا الأرض بعد فسادها بمعالم الهدى، ومناهج التقوى" –فعج الناس له بالدعاء- ثم قال:
"يأهل الكوفة: إنا والله ما زلنا مظلومين مقهورين على حقنا، حتى أتاح الله لنا شيعتنا أهل خراسان، فأحيا بهم حقنا، وأفلج4 بهم حجتنا، وأظهر بهم دولتنا، وأراكم الله ما كنتم به تنتظرون، وإليه تتشوفون، فأظهر فيكم الخليفة من هاشم وبيض به وجوهكم، وأدالكم على أهل الشأم، ونقل إليكم السلطان وعز الإسلام، ومن عليكم بإمام منحه العدالة، وأعطاه حسن الإيالة5، فخذوا ما آتاكم الله بشكر، والزموا طاعتنا، ولا تخدعوا عن أنفسكم، فإن الأمر أمركم، فإن لكل أهل بيت مصرًا، وإنكم مصرنا، ألا وإنه ما صعد منبركم هذا خليفة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وأمير المومنين عبد الله بن محمد –وأشار بيده إلى أبي العباس– فاعلموا أن هذا الأمر فينا ليس بخارج منا، حتى نسلمه إلى عيسى بن مريم صلى الله عليه، والحمد لله رب العالمين على ما أبلانا وأولانا".
"تاريخ الطبري 9: 126، وشرح ابن أبي الحديد م 2: ص 213".