قَالَ الْحَافِظُ الْعَسْقَلَانِيُّ: وَالَّذِي يَظْهَرُ لِي فِي الْجَوَابِ أَنْ يُقَالَ: لَعَلَّ سَبَبَ تَأْخِيرِهِمْ حَتَّى دَخَلَ أَنْ يَحْتَمِلَ عِنْدَهُمْ أَمْرٌ يَحْدُثُ لَهُ حَتَّى لَا يَحْتَاجَ إِذَا تَفَرَّقُوا أَنْ يَتَكَلَّفَ اسْتِدْعَاءَهُمْ، ثُمَّ رَاجَعْتُ سُنَنَ أَبِي دَاوُدَ فَوَجَدْتُ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ مَا يُؤَيِّدُهُ وَهُوَ قِصَّةُ الْأَعْرَابِيِّ الَّذِي جَبَذَ رِدَاءَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَدَعَا رَجُلًا فَأَمَرَهُ أَنْ يَحْمِلَ لَهُ عَلَى بَعِيرِهِ تَمْرًا وَشَعِيرًا، وَفِي آخِرِهِ ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيْنَا فَقَالَ: انْصَرِفُوا رَحِمَكُمُ اللَّهُ انْتَهَى، وَقَالَ الْإِمَامُ الْغَزَالِيُّ: الْقِيَامُ مَكْرُوهٌ عَلَى سَبِيلِ الْإِعْظَامِ لَا عَلَى سَبِيلِ الْإِكْرَامِ، وَقَالَ الْإِمَامُ النَّوَوِيُّ: هَذَا الْقِيَامُ لِلْقَادِمِ مِنْ أَهْلِ الْفَضْلِ مِنْ عِلْمٍ وَإِصْلَاحٍ، أَوْ شَرَفٍ مُسْتَحَبٌّ، وَقَدْ جَاءَتْ فِيهِ أَحَادِيثُ، وَلَمْ يَثْبُتْ فِي النَّهْيِ عَنْهُ شَيْءٌ صَرِيحٌ وَقَدْ جَمَعْتُ كُلَّ ذَلِكَ مَعَ كَلَامِ الْعُلَمَاءِ عَلَيْهِ فِي جُزْءٍ وَأَجَبْتُ فِيهِ عَمَّا تُوُهِّمَ النَّهْيُ عَنْهُ، وَقَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: لَيْسَ هَذَا مِنَ الْقِيَامِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ إِنَّمَا ذَاكَ
فِيمَنْ يَقُومُونَ عَلَيْهِ وَهُوَ جَالِسٌ وَيَمْكُثُونَ قِيَامًا طُولَ جُلُوسِهِ.
(حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ حَدَّثَنَا جُمَيْعٌ) بِالتَّصْغِيرِ (ابْنُ عُمَرَ) صَوَابُهُ عُمَيْرٌ بِالتَّصْغِيرِ (ابْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعِجْلِيُّ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ وَسُكُونِ الْجِيمِ (حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ مِنْ وَلَدِ أَبِي هَالَةَ) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَاللَّامِ وَيَجُوزُ بِالضَّمِّ وَالسُّكُونِ أَيْ مِنْ أَوْلَادِ أَبِي هَالَةَ (زَوْجِ خَدِيجَةَ) بَدَلٌ مِنْ أَبِي هَالَةَ (يُكْنَى أَبَا عَبْدِ اللَّهِ) بِضَمٍّ فَسُكُونٍ وَيَجُوزُ فَتْحُ كَافِهِ وَتَشْدِيدُ نُونِهِ مِنْ كَنَّى سَتَرَ، سَمَّى الْكُنْيَةَ بِذَلِكَ لِمَا فِيهَا مِنْ تَرْكِ التَّصْرِيحِ بِالِاسْمِ وَالِاكْتِفَاءِ بِالْكِنَايَةِ، (عَنِ ابْنٍ لِأَبِي هَالَةَ) قِيلَ فِيهِ انْقِطَاعٌ لِابْنِ أَبِي هَالَةَ مِنْ قُدَمَاءِ الصَّحَابَةِ، وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ هَذَا مِنَ الطَّبَقَةِ السَّادِسَةِ، وَأَهْلُهَا لَمْ يُدْرِكُوا أَحَدًا مِنَ الصَّحَابَةِ (عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ) رَوَى عَنْ جَدِّهِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَلَاثَةَ عَشَرَ حَدِيثًا، وَأَخُوهُ الْحُسَيْنُ رَوَى عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثَمَانِيَةَ أَحَادِيثَ كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ: (قَالَ) أَيِ الْحَسَنُ (سَأَلْتُ خَالِيَ) أَيْ أَخَا أُمِّهِ مِنْ أُمِّهَا (هِنْدَ بْنَ أَبِي هَالَةَ وَكَانَ) أَيْ هِنْدٌ (وَصَّافًا) أَيْ كَثِيرَ الْوَصْفِ، وَفِي الْقَامُوسِ الْوَصَّافُ الْعَارِفُ بِالْوَصْفِ انْتَهَى، (عَنْ حِلْيَةِ رَسُولِ اللَّهِ) وَفِي نُسْخَةٍ النَّبِيِّ (- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) أَيْ وَصْفًا صَادِرًا عَنْهَا وَالتَّقْدِيرُ وَصَّافًا بَحَّاثًا عَنْهَا وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ كَجُمْلَةِ (وَأَنَا أَشْتَهِي أَنْ يَصِفَ لِي مِنْهَا شَيْئًا) إِمَّا مُعْتَرِضَتَانِ بَيْنَ السُّؤَالِ وَالْجَوَابِ لِبَيَانِ كَمَالِ الْوُثُوقِ وَالضَّبْطِ لِمَا يَرْوِيهِ حَتَّى يُتَلَقَّى عَنْهُ بِالْقَبُولِ، أَوْ حَالِيَّتَانِ مُتَرَادِفَتَانِ، أَوْ مُتَدَاخِلَتَانِ عَنِ الْفَاعِلِ أَوِ الْمَفْعُولِ، أَوِ الْأُولَى عَنِ الْمَفْعُولِ وَالثَّانِيَةُ عَنِ الْفَاعِلِ، وَفِي هَذَا خَفَاءٌ وَتَكَلُّفٌ فَالْأَوَّلُ أَوْلَى (فَقَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَخْمًا) بِسُكُونِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِهَا، أَيْ عَظِيمًا فِي ذَاتِهِ، (مُفَخَّمًا) أَيْ مُعَظَّمًا فِي صِفَاتِهِ، وَفِي النِّهَايَةِ أَيْ عَظِيمًا مُعَظَّمًا فِي الصُّدُورِ وَالْعُيُونِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ خِلْقَتُهُ فِي جِسْمِهِ الضَّخَامَةَ (يَتَلَأْلَأُ وَجْهُهُ) أَيْ يَظْهَرُ لَمَعَانُ نُورِهِ وَيَلْمَعُ كَاللُّؤْلُؤِ (تَلَأْلُأَ الْقَمَرِ) بِالنَّصْبِ عَلَى الْمَفْعُولِ الْمُطْلَقِ أَيْ: لَمَعَانَ نُورِ الْقَمَرِ (لَيْلَةَ الْبَدْرِ) أَيْ: وَقْتَ نِهَايَةِ نُورِهِ وَغَايَةِ ظُهُورِهِ (فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ) أَيْ: كَمَا مَرَّ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ وَقَدْ مَرَّ الْكَلَامُ عَلَيْهِ مِنْ كُلِّ بَابٍ (قَالَ الْحَسَنُ: فَكَتَمْتُهَا) أَيْ: هَذِهِ الْحِلْيَةَ ذَكَرَهُ ابْنُ حَجَرٍ، وَالْأَظْهَرُ هَذِهِ الرِّوَايَةُ (الْحُسَيْنَ) أَيْ: عَنْهُ فَنَصَبَهُ بِنَزْعِ الْخَافِضِ، وَإِيصَالِ الْفِعْلِ عَلَى حَدِّ: (وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ) وَلَوْ ثَبَتَ تَشْدِيدُ (كَتَمْتُهَا) فَهُوَ الْمَفْعُولُ الثَّانِي (زَمَانًا) أَيْ: مُدَّةً مَدِيدَةً أَوْ قَلِيلَةً عَدِيدَةً، قِيلَ: الْإِخْبَارُ اجْتِهَادُهُ وَجِدُّهُ فِي تَحْصِيلِ الْعِلْمِ بِحِلْيَةِ جَدِّهِ (ثُمَّ حَدَّثْتُهُ فَوَجَدْتُهُ قَدْ سَبَقَنِي إِلَيْهِ) أَيْ: إِلَى السُّؤَالِ عَنْهَا مِنْ عِنْدِ خَالِهِ، (فَسَأَلَهُ) أَيِ: الْحُسَيْنُ (عَمَّا سَأَلْتُهُ) أَيْ: عَنْهُ (وَوَجَدْتُهُ) أَيِ: الْحُسَيْنَ زَائِدًا عَلَيَّ فِي تَحْصِيلِ هَذَا الْمَعْنَى (قَدْ سَأَلَ أَبَاهُ) أَيْ: عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، وَفِي نُسْخَةٍ أَبِي قَالَ الْحَنَفِيُّ: هَذَا مِنْ قَبِيلِ رِوَايَةِ الْأَكَابِرِ عَنِ الْأَصَاغِرِ؛ لِأَنَّ الْحَسَنَ فِيهِ رَاوٍ عَنِ الْحُسَيْنِ انْتَهَى، وَالصَّوَابُ أَنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ الْأَقْرَانِ كَمَا هُوَ مُقَرَّرٌ فِي عُلُومِ الْحَدِيثِ مَعَ أَنَّ مَا بَيْنَهُمَا لَمْ يُكْمِلْ سَنَةً (عِنْدَ مَدْخَلِهِ) أَيْ: طَرِيقِ سُلُوكِهِ حَالَ كَوْنِهِ دَاخِلَ
بَيْتِهِ (وَعَنْ مَخْرَجِهِ) أَيْ: عَنْ أَطْوَارٍ خَارِجَ بَيْتِهِ (وَشَكْلِهِ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ فِي