نَحْوَ سُنَّةِ الظُّهْرِ عَلَى أَنَّ الْوَارِدَ فِيهَا كَمَا عَلِمْتَ الْفَصْلَ، وَالْوَصْلَ. وَسَتَرَى مَا تَقَرَّرَ مِنَ الْفَرْقِ قُلْتُ، وَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَقْتَصِرَ فِي صَلَاةِ الزَّوَالِ عَلَى الْوَارِدِ فِيهَا الْمُؤَكِّدِ لِوَصْلِهَا بِالنَّهْيِ عَنْ فَصْلِهَا ثُمَّ يُقَاسُ عَلَيْهِ كُلُّ صَلَاةٍ نَافِلَةٍ نَهَارِيَّةٍ، وَيُحْمَلَ مَا وَرَدَ مِنْ سُنَّةِ الظُّهْرِ إِنْ صَحَّ بِتَسْلِيمَتَيْنِ عَلَى بَيَانِ الْجَوَازِ وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ قَالَ مِيرَكُ شَاهْ قَوْلُهُ قُلْتُ أَفِي كُلِّهِنَّ قِرَاءَةٌ، الظَّاهِرُ أَنَّهُ مِنْ كَلَامِ أَبِي أَيُّوبَ سَأَلَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ كَلَامِ قَرْثَعٍ سَأَلَ أَبَا أَيُّوبَ لَكِنْ يُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ مَا عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، أَرْبَعٌ قَبْلَ الظُّهْرِ لَيْسَ فِيهِنَّ تَسْلِيمٌ يُفْتَحُ لَهُنَّ أَبْوَابُ السَّمَاءِ، وَعِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذِهِ الصَّلَاةُ الَّتِي قَدْ أَدَّيْتَ حِينَ تَزُولُ الشَّمْسُ إِلَخْ. وَفِي آخِرِهِ أَتَقْرَأُ فِيهِنَّ قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: يُفْصَلُ فِيهِنَّ، قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ يُفْصَلُ فِيهِنَّ بِسَلَامٍ قَالَ: لَا، وَلَا يَلْزَمُ فِيهِ أَنْ يُسَمِّيَ سُنَّةَ الظُّهْرِ صَلَاةَ الضُّحَى كَمَا فَهِمَهُ ابْنُ حَجَرٍ، وَطَعَنَ طَعْنًا بَلِيغًا عَلَى قَائِلِهِ مَعَ أَنَّ عِبَارَتَهُ إِلَّا أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ بِالضُّحَى فِي عُنْوَانِ الْبَابِ أَعَمُّ مِنَ الْحَقِيقِيِّ، وَمَا هُوَ قَرِيبٌ مِنْهُ.

ثُمَّ مُنَاسِبَةُ هَذَا الْحَدِيثِ، وَمَا بَعْدَهُ مِنَ الْأَحَادِيثِ لِعُنْوَانِ الْبَابِ الْمَوْضُوعِ لِصَلَاةِ الضُّحَى غَيْرُ ظَاهِرَةٍ بَلْ كَانَتْ مُلَائِمَةً لِلْبَابِ السَّابِقِ، اللَّهُمَّ إِلَّا أَنْ يَتَكَلَّفَ أَنَّهَا لِقُرْبِهَا مِنْ صَلَاةِ الضُّحَى أُدْرِجَتْ مَعَهَا، فَهُوَ نَوْعٌ مِنْ جَرِّ الْجِوَارِ مَعَ مَا فِيهِ مِنَ الْإِيمَاءِ إِلَى أَنَّ صَلَاةَ الضُّحَى تَمْتَدُّ إِلَى وَقْتِ الزَّوَالِ، وَإِنَّمَا تَكُونُ الصَّلَاةُ النَّافِلَةُ بَعْدَهُ مِنْ مُتَعَلِّقَاتِ الظُّهْرِ، وَأَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ أَنَّ الضُّحَى فِي التَّرْجَمَةِ الْمُرَادُ بِهَا أَعَمُّ مِنَ الْحَقِيقِيِّ وَالْمَجَازِيِّ فَمَحْمُولٌ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ مَجَازِ الْمُشَارَفَةِ بِطَرِيقِ الْغَلَبَةِ عَلَى وَجْهِ التَّبَعِيَّةِ.

(حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ أَنْبَأَنَا) ، وَفِي نُسْخَةٍ أَخْبَرَنَا (عُبَيْدَةُ) بِالتَّصْغِيرِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ اخْتَلَطَ فِي آخِرِ عُمْرِهِ (عَنْ إِبْرَاهِيمَ) أَيِ: النَّخَعِيِّ (عَنْ سَهْمِ بْنِ مِنْجَابٍ عَنْ قَزَعَةَ عَنِ الْقَرْثَعِ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَحْوَهُ) أَيْ: مِثْلَهُ مَعْنًى لَا مَبْنًى.

(حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ أَبِي الْوَضَّاحِ) بِتَشْدِيدِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ (عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْجَزَرِيِّ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّائِبِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُصَلِّي أَرْبَعًا بَعْدَ أَنْ تَزُولَ الشَّمْسُ قُبَيْلَ الظُّهْرِ) أَيْ: قَبْلَ فَرْضِهِ فَفِيهِ إِيمَاءٌ إِلَى أَنَّ الْأَرْبَعَ هِيَ سُنَّةُ الظُّهْرِ الَّتِي وَاظَبَ عَلَيْهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غَالِبًا وَقَدْ قَالَ الْبَيْضَاوِيُّ: هِيَ سُنَّةُ الظُّهْرِ الَّتِي قَبْلَهُ (وَقَالَ أَنَّهَا) أَيْ: مَا بَعْدَ الزَّوَالِ وَأَنَّثَ

الضَّمِيرَ لِتَأْنِيثِ الْخَبَرِ الَّذِي هُوَ (سَاعَةُ تُفْتَحُ) بِصِيغَةِ التَّأْنِيثِ مَجْهُولًا (فِيهَا) أَيْ: فِي تِلْكَ السَّاعَةِ (أَبْوَابُ السَّمَاءِ) أَيْ: لِنُزُولِ الرَّحْمَةِ، وَطُلُوعِ الطَّاعَةِ (فَأُحِبُّ) بِالْفَاءِ، وَفِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ، وَأُحِبُّ (أَنْ يَصْعَدَ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ، وَيُضَمُّ أَيْ: يُرْفَعَ (لِي فِيهَا عَمَلٌ صَالِحٌ) أَيْ: إِلَى اللَّهِ فَهُوَ كِنَايَةٌ عَنْ قَبُولِهِ أَوْ إِلَى مَحَلِّ إِجَابَتِهِ مِنْ عِلِّيِّينَ، وَنَحْوَهُ قَالَ الْمُؤَلِّفُ: فِي جَامِعِهِ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ، وَرُوِيَ نَحْوُهُ أَيْضًا فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ، وَلَفْظُهُ، أَرْبَعٌ قَبْلَ الظُّهْرِ، وَبَعْدَ الزَّوَالِ تُحْسَبُ بِمِثْلِهِنَّ فِي السَّحَرِ، وَمَا مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ تِلْكَ السَّاعَةِ ثُمَّ قَرَأَ يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ سُجَّدًا لِلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ أَيْ: خَاضِعُونَ صَاغِرُونَ.

وَأَبْعَدَ ابْنُ حَجَرٍ حَيْثُ قَالَ: وَهَذِهِ الْأَرْبَعُ وِرْدٌ مُسْتَقِلٌّ سَبَبُهُ انْتِصَافُ النَّهَارِ، وَزَوَالُ الشَّمْسِ ; لِأَنَّ انْتِصَافَهُ مُقَابِلٌ لِانْتِصَافِ اللَّيْلِ، وَبَعْدَ زَوَالِهَا يُفْتَحُ أَبْوَابُ السَّمَاءِ، فَهُوَ نَظِيرُ النُّزُولِ الْإِلَهِيِّ الْمُنَزَّهِ عَنِ الْحَرَكَةِ وَالِانْتِقَالِ، إِذْ كُلٌّ مِنْهُمَا وَقْتُ قُرْبٍ وَرَحْمَةٍ انْتَهَى.

وَبُعْدُهُ لَا يَخْفَى إِذْ لَا يُعْرَفُ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمُدَاوَمَةُ عَلَى سُنَّةٍ غَيْرِ سُنَّةِ الظُّهْرِ حِينَئِذٍ، وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ الْإِدْمَانَ فِي الْحَدِيثِ بِمَعْنَى الْمُوَاظَبَةِ وَالْمُلَازَمَةِ، وَلِهَذَا لَمْ يَعُدَّ أَحَدٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ صَلَاةَ سُنَّةِ الزَّوَالِ لَا مِنَ السُّنَنِ الْمُؤَكَّدَةِ، وَلَا مِنَ الْمُسْتَحَبَّةِ، نَعَمْ لَا مَنْعٌ مِنَ الزِّيَادَةِ فِي الْعِبَادَةِ، لِمَنْ أَرَادَهَا مِنْ أَرْبَابِ الرِّيَاضَةِ فَمَنْ زَادَ زَادَ اللَّهُ فِي حَسَنَاتِهِ.

(حَدَّثَنَا أَبُو سَلَمَةَ يَحْيَى بْنُ خَلَفٍ) بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ، وَاللَّامِ (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ عَلِيٍّ الْمُقَدَّمِيُّ) بِضَمِّ مِيمٍ، وَفَتْحِ قَافٍ وَتَشْدِيدٍ لِدَالٍ مَفْتُوحَةٍ (عَنْ مِسْعَرِ) بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ فَفَتْحٍ (بْنِ كِدَامٍ) بِكَسْرٍ كَافٍ فَدَالٍ مُهْمَلَةٍ (عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ) بِفَتْحِ مُعْجَمَةٍ، فَسُكُونٍ (عَنْ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي قَبْلَ الظُّهْرِ أَرْبَعًا وَذَكَرَ) أَيْ: عَلِيٌّ (أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُصَلِّيهَا) أَيْ: تِلْكَ الصَّلَاةَ (عِنْدَ الزَّوَالِ)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015