أَوْ عَلِيُّ بْنُ دُؤَادٍ بِضَمِّ الدَّالِ بَعْدَهُ وَاوٌ

بِهَمْزَةٍ ذَكَرَهُ مِيرَكُ (عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِآيَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ لَيْلَةً) أَيْ: لَيْلَةً وَاحِدَةً، وَهَذَا الْحَدِيثُ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ أَبِي ذَرٍّ، وَكَذَا رَوَاهُ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيْلَةً مِنَ اللَّيَالِي فَقَرَأَ آيَةً وَاحِدَةً اللَّيْلَ كُلَّهُ حَتَّى أَصْبَحَ بِهَا يَقُومُ، وَبِهَا يَرْكَعُ وَبِهَا يَسْجُدُ، فَقَالَ الْقَوْمُ: لِأَبِي ذَرٍّ أَيَّةَ آيَةٍ هِيَ فَقَالَ إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ فَقَوْلُهُ بِآيَةٍ مُتَعَلِّقٌ بِقَامَ أَيْ: أَحَيَى بِقِرَاءَةِ هَذِهِ الْآيَةِ لَيْلَتَهُ كُلَّهَا، وَالْمُرَادُ قِرَاءَتُهَا فِي صَلَاةِ اللَّيْلِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ بِهَا يَقُومُ وَبِهَا يَرْكَعُ، وَبِهَا يَسْجُدُ ; فَإِنْ قُلْتَ لَا يُلَائِمُهُ مَا ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: نَهَانِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ أَقْرَأَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا، وَكَذَا مَا وَرَدَ فِيهِ أَيْضًا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا إِلَّا أَنِّي نُهِيتُ أَنْ أَقْرَأَ الْقُرْآنَ رَاكِعًا أَوْ سَاجِدًا أُجِيبَ بِأَنَّهُ لِبَيَانِ الْجَوَازِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ النَّهْيَ تَنْزِيهِيٌّ، أَوْ لَعَلَّ ذَلِكَ كَانَ قَبْلَ وُرُودِ النَّهْيِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ الْمَعْنَى كَانَ يَرْكَعُ، وَيَسْجُدُ بِمُقْتَضَى تِلْكَ الْآيَةِ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِمَبْنَاهَا، وَيَتَرَتَّبُ عَلَى مَعْنَاهَا بِأَنْ يَقُولَ فِيهِمَا سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنَا وَلَا تُعَذِّبْنَا، وَارْحَمْ أُمَّتِي، وَلَا تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ، وَاغْفِرْ لَهُمْ ; فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ، وَنَحْوُ ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَبِهَذَا الْحَدِيثِ تَبَيَّنَ ضَعْفُ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ حَجَرٍ مِنَ احْتِمَالِ أَنَّهُ كَانَ يُكَرِّرُهَا فِي قِيَامِ رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ إِلَى أَنْ يَطْلُعَ الْفَجْرُ عَلَى أَنَّ النَّهْيَ وَرَدَ عَنِ الْبُتَيْرَاءِ، فَلَا يَجُوزُ حَمْلُ الْحَدِيثِ عَلَى مَا اخْتَلَفَ فِي جَوَازِهِ الْعُلَمَاءُ، وَكَذَا احْتِمَالُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي صَلَاةٍ بَلْ قَرَأَهَا خَارِجَهَا فَاسْتَمَرَّ يُكَرِّرُهَا إِلَى الْفَجْرِ، وَهُوَ قَائِمٌ أَوْ قَاعِدٌ، فَيَكُونُ مَعْنَى قَامَ مِنْ قَامَ بِالْأَمْرِ أَخَذَهُ بِقُوَّةٍ وَعَزْمٍ مِنْ غَيْرِ فُتُورٍ ; فَإِنَّ الْأَحَادِيثَ يُفَسِّرُ بَعْضُهَا بَعْضًا، نَعَمْ يُحْتَمَلُ أَنَّ بَعْضَ قِرَاءَتِهَا فِي الصَّلَاةِ، وَبَعْضَهَا خَارِجُهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ، وَإِنَّمَا دَاوَمَ عَلَى تَكْرِيرِ مَبَانِيهَا، وَالتَّفْكِيرِ فِي كَثْرَةِ مَعَانِيهَا لِمَا أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - غَشِيَتْهُ عِنْدَ قِرَاءَتِهَا، وَحَالَةِ تِلَاوَتِهَا مِنْ هَيْبَةِ مَا ابْتُدِئَتْ بِهِ مِنَ الْعَذَابِ مَا أَوْجَبَ اشْتِعَالَ نَارِ خَوْفِ الْحِجَابِ، وَمِنْ حَلَاوَةِ مَا اخْتُتِمَتْ بِهِ مِنَ الْغُفْرَانِ مَا اقْتَضَى الطَّرَبَ وَالسُّرُورَ فِي الْجِنَانِ رَجَاءً لِغُرُفَاتِ الْجِنَانِ، وَلَذَّةِ النَّظَرِ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ، وَفِي الْآيَةِ مِنَ الْأَسْرَارِ الْمُوجِبَةِ لِلْإِسْرَارِ أَنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ الْعُقُوبَةَ عَلَّلَهَا بِوَصْفِ الْعُبُودِيَّةِ إِشَارَةً إِلَى عِظَمِ تَجَلِّيهِ بِوَصْفِ الِاسْتِحْقَاقِ، وَالْعَدْلِ الَّذِي هُوَ بَعْضُ تَجَلِّيهِ إِذْ لَمْ يَتَصَرَّفْ إِلَّا فِي مُلْكِهِ، وَلَمْ يَحْكُمْ إِلَّا فِي مُلْكِهِ، وَلَمَّا ذَكَرَ الْمَغْفِرَةَ رَتَّبَ عَلَيْهَا صِفَةَ الْعِزَّةِ، وَالْحِكْمَةِ إِيمَاءً إِلَى أَنَّ بَاهِرَ تَجَلِّيهِ بِوَصْفِ التَّفَضُّلِ وَالْإِنْعَامِ عَلَى الْخَاصِّ وَالْعَامِّ، الْمُقْتَرِنِ بِالْعِزَّةِ الدَّامِغَةِ وَالْحِكْمَةِ السَّابِغَةِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ.

(حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ) أَيِ: ابْنِ مَسْعُودٍ (قَالَ: صَلَّيْتُ لَيْلَةً مَعَ رَسُولِ اللَّهِ) وَفِي نُسْخَةٍ النَّبِيِّ (- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَمْ يَزَلْ قَائِمًا حَتَّى هَمَمْتُ بِأَمْرِ سَوْءٍ) بِالْإِضَافَةِ وَرُوِيَ بِقَطْعِهَا

عَلَى الصِّفَةِ،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015