وَجْهٍ، وَبَعْضُهُمْ عَلَى وَجْهٍ آخَرَ، مُخَالِفٍ لَهُ، وَيَقَعُ الِاضْطِرَابُ فِي الْإِسْنَادِ تَارَةً، وَفِي الْمَتْنِ أُخْرَى، وَفِيهِمَا أُخْرَى، مِنْ رَاوٍ وَاحِدٍ أَوْ أَكْثَرَ، ثُمَّ إِنْ أَمْكَنَ التَّرْجِيحُ بِحِفْظِ رُوَاةِ إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ أَوْ كَثْرَةِ صُحْبَةِ الْمَرْوِيِّ عَنْهُ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، فَالْحُكْمُ لِلرَّاجِحِ، وَلَا اضْطِرَابَ حِينَئِذٍ، وَإِلَّا فَمُضْطَرِبٌ يَسْتَلْزِمُ الضَّعْفَ، انْتَهَى.

وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ تَخَالُفُ رِوَايَتَيْنِ أَمْ أَكْثَرَ إِسْنَادًا أَوْ مَتْنًا مُخَالَفَةً لَا يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا مَا لَمْ يَتَرَجَّحْ إِحْدَاهُمَا بِنَحْوِ كَثْرَةِ طُرُقِ إِحْدَى

الرِّوَايَتَيْنِ أَوْ كَوْنِهَا أَصَحُّ أَوْ أَشْهَرُ أَوْ رُوَاتُهَا أَتْقَنُ أَوْ مَعَهُمْ زِيَادَةُ عِلْمٍ كَمَا هُنَا فَإِنَّ الْمُسْنَدَ مَعَهُ زِيَادَةُ عِلْمٍ عَلَى الْمُرْسَلِ سِيَّمَا وَالْمُرْسَلُ أُسْنِدَ مَرَّةً أُخْرَى، فَوَافَقَ إِسْنَادَ غَيْرِهِ لَهُ دَائِمًا، وَهُوَ أَبُو أَسِيدٍ فِي الرِّوَايَةِ السَّابِقَةِ.

(حَدَّثَنَا السِّنْجِيِّ) بِكَسْرِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ النُّونِ، وَبِالْجِيمِ نِسْبَةً إِلَى سَنْجٍ، قَرْيَةٌ مِنْ قُرَى مَرْوَ (وَهُوَ أَبُو دَاوُدَ سُلَيْمَانُ بْنُ مَعْبَدٍ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ فَفَتْحٍ (الْمَرْوَزِيُّ) بِفَتْحَتَيْنِ بَيْنَهُمَا سَاكِنٌ (السِّنْجِيُّ) ذَكَرَهُ أَوَّلًا، وَثَانِيًا إِشَارَةً إِلَى أَنَّهُ قَدْ يَقَعُ فِي كَلَامِ الْمُحَدِّثِينَ ذِكْرُ نِسْبَتِهِ فَقَطْ، وَقَدْ يَقَعُ ذِكْرُ اسْمِهِ وَنَسَبِهِ وَنِسْبَتِهِ (حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَهُ) أَيْ مِثْلَهُ لَفْظًا وَمَعْنًى (وَلَمْ يُذْكَرْ فِيهِ عَنْ عُمَرَ) يَعْنِي فَيَكُونُ الْحَدِيثُ بِهَذَا الطَّرِيقِ مُرْسَلًا، فَالْحَدِيثُ مُضْطَرِبٌ، وَالِاضْطِرَابُ إِنَّمَا نَشَأَ مِنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ.

(حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، قَالَا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْجِبُهُ) بِصِيغَةِ الْمُضَارِعِ مِنْ بَابِ الْأَفْعَالِ وَفَاعِلُهُ (الدُّبَّاءُ) وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ أَنَّهَا كَانَتْ تُعْجِبُهُ، أَيْ يُرْضِيهِ أَكْلُهُ، وَيَسْتَحْسِنُهُ وَيُحِبُّ تَنَاوُلَهُ، وَهُوَ بِضَمِّ الدَّالِ، وَتَشْدِيدِ الْمُوَحَّدَةِ، مَمْدُودٌ، وَيَجُوزُ الْقَصْرُ، حَكَاهُ الْفَرَّاءُ، وَأَنْكَرَهُ الْقُرْطُبِيُّ وَقِيلَ: خَاصٌّ بِالْمُسْتَدِيرِ مِنْهُ، قَالَ النَّوَوِيُّ: الدُّبَّاءُ هُوَ الْيَقْطِينُ وَهُوَ بِالْمَدِّ، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، وَحَكَى الْقَاضِي فِيهِ الْقَصْرَ أَيْضًا، الْوَاحِدَةُ: دُبَّاءَةٌ أَوْ دُبَّاةٌ، انْتَهَى.

وَاقْتَصَرَ صَاحِبُ الْمُهَذَّبِ وَتَاجِ الْأَسْمَاءِ عَلَى الْأَوَّلِ، وَقَالَ مِيرَكُ: الدُّبَّاءُ هِيَ الْقَرْعُ، وَاحِدُهَا: دُبَّاءَةٌ، وَزْنُهَا فُعَّالٌ، وَلَامُهَا هَمْزَةٌ، وَلَا يُعْرَفُ انْقِلَابُ لَامِهَا عَنْ وَاوٍ أَوْ يَاءٍ، قَالَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ، وَأَخْرَجَهَا الْهَرَوِيُّ فِي الدَّالِ مَعَ الْبَاءِ عَلَى أَنَّ الْهَمْزَةَ زَائِدَةٌ، وَأَخْرَجَهَا الْجَوْهَرِيُّ فِي الْمُعْتَلِّ، عَلَى أَنَّ هَمْزَتَهُ مُنْقَلِبَةٌ، وَكَأَنَّهُ أَشْبَهَ كَذَا فِي النِّهَايَةِ (فَأُتِيَ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ مِنَ الْإِتْيَانِ أَيْ فَجِيءَ (بِطَعَامٍ) أَيْ فِيهِ دُبَّاءٌ (أَوْ دُعِيَ) بِصِيغَةِ الْمَفْعُولِ، أَيْ طُولِبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لَهُ) أَيْ لِلطَّعَامِ، وَالشَّكُّ مِنْ أَنَسٍ، أَوْ مِمَّنْ دُونَهُ، قَالَ أَنَسٌ: (فَجَعَلْتُ أَتَتَبَّعُهُ) أَيْ أَطْلُبُ الدُّبَّاءَ مِنْ حَوَالَيِ الْقَصْعَةِ (فَأَضَعُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ) أَيْ قُدَّامَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الطَّعَامَ إِذَا كَانَ مُخْتَلِفًا، يَجُوزُ أَنْ يَمُدَّ يَدَهُ إِلَى مَا لَا يَلِيهِ، إِذَا لَمْ يَعْرِفْ مِنْ صَاحِبِهِ كَرَاهَةً وَمُنَاوَلَةُ الضِّيفَانِ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، مِمَّا وُضِعَ بَيْنَ أَيْدِيهِمِ اعْتِمَادًا عَلَى رِضَى الْمُضِيفِ، وَإِنَّمَا يُمْتَنَعُ أَخْذُ شَيْءٍ مِنْ قُدَّامِ الْآخَرِ لِنَفْسِهِ إِذَا عَلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَرْضَ بِذَلِكَ ; لِكَوْنِهِ مَخْصُوصًا بِغَيْرِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ (لِمَا أَعْلَمُ) مَا مَصْدَرِيَّةٌ أَوْ مَوْصُولَةٌ أَيْ لِعِلْمِي أَوْ لِلَّذِي أَعْلَمُهُ (أَنَّهُ) أَيِ النَّبِيَّ

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يُحِبُّهُ) أَيِ الدُّبَّاءَ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ، بِفَتْحِ اللَّامِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015