وعلى هذا الدستور الرشيد تم جمع القرآن في صحف بإشراف أبي بكر وعمر وأكابر الصحابة وأجمعت الأمة على ذلك دون نكير، وكان ذلك منقبة خالدة لا يزال التاريخ يذكرها بالجميل لأبي بكر في الإشراف، ولعمر في الاقتراح، ولزيد في التنفيذ، والصحابة في المعاونة والإقرار.
قال علي كرم الله وجه: " أعظم الناس أجراً في المصاحف أبو بكر، رحمة الله على أبي بكر، هو أول من جمع بين اللوحين1".
وقد قوبلت تلك الصحف التي جمعها زيد بما تستحق من عناية فائقة، فحفظها أبو بكر عنده مدة حياته، ثم حفظها عمر بعده حتى شهادته، ثم حفظتها أم المؤمنين حفصة بنت عمر بعد وفاة والدها، حتى طلبها منها عثمان رضي الله عنه ليستنسخ منها مصاحفه اعتماداً عليها، ثم ردها إليها إيفاء بالعهد الذي أعطاها إياه، فلم تزل عندها حتى أرسل إليها مروان بن الحكم2 حينما ولي المدينة فأبت، ثم لما توفيت رضي الله عنها سنة 45هـ، حضر مروان جنازتها، ثم طلب من أخيها عبد الله بن عمر رضي الله عنه فبعث بها إليه فأخذها مروان وأمر بإحراقها 3.
يقول الإمام أبو عمرو الداني في جمع القرآن في العهد الصديقي: