501 - وَذُكِرَ عَنْ أَبِي الْقَاسِمِ الطَّرَابُلُسِيِّ، قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَزْرَةَ، عَنْ أَبِي الْحَسَنِ الأَشْعَرِيِّ، فَقُلْتُ لَهُ: قِيلَ لِي عَنْهُ: أَنَّهُ كَانَ مُعْتَزِلِيًّا، وَأَنَّهُ لَمَّا رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ، أَبْقَى لِلْمُعْتَزِلَةِ نَكْثًا لَمْ يَنْقُضْهَا، فَقَالَ لِي: الأَشْعَرِيُّ شَيْخُنَا وَإِمَامُنَا، وَقَدْ عَلِمْتُهُ مُعْتَزِلِيًّا، أَقَامَ عَلَى مَذْهَبِ الْمُعْتَزِلَةِ أَرْبَعِينَ سَنَةً، وَكَانَ لَهُمْ إِمَامًا، ثُمَّ غَابَ عَنِ النَّاسِ فِي بَيْتِهِ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَبَعْدَ ذَلِكَ خَرَجَ إِلَى الْجَامِعِ فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ، وَقَالَ: مَعَاشِرَ النَّاسِ، إِنِّي إِنَّمَا تَغَيَّبْتُ عَنْكُمْ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ، لأَنِّي نَظَرْتُ فَتَكَافَأَتْ عِنْدِي الأَدِلَّةُ، وَلَمْ يَتَرَجَّحْ عِنْدِي حَقٌّ عَلَى بَاطِلٍ، وَلا بَاطِلٌ عَلَى حَقٍّ، فَاسْتَهْدَيْتُ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، فَهَدَانِي إِلَى اعْتِقَادِ مَا أَوْدَعْتُهُ فِي كُتُبِي هَذِهِ، وَانْخَلَعْتُ مِنْ جَمِيعِ مَا كُنْتُ أَعْتَقِدُهُ كَمَا انْخَلَعْتُ مِنْ ثَوْبِي هَذَا، وَانْخَلَعَ مِنْ ثَوْبٍ كَانَ عَلَيْهِ، وَرَمَى بِهِ، وَدَفَعَ الْكُتُبَ إِلَى النَّاسِ فَمِنْهَا كِتَابُ اللُّمَعِ، وَكِتَابٌ أَظْهَرَ فِيهِ عَوَارَ الْمُعْتَزِلَةِ سَمَّاهُ بِكِتَابِ كَشْفِ الأَسْرَارِ، وَغَيْرُهُمَا، فَلَمَّا قَرَأَ تِلْكَ الْكُتُبَ أَهْلُ الْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ، أَخَذُوا بِمَا فِيهَا وَانْتَحَلُوهُ، وَاعْتَقَدُوا تَقْدِمَتَهُ، وَاتَّخَذُوهُ إِمَامًا حَتَّى نُسِبَ مَذْهَبُهُمْ إِلَيْهِ، فَقَدْ شَهِدَ عَلَى نَفْسِهِ بِالاعْتِزَالِ، وَأَنَّهُ كَانَ دَاعِيَةً فِيهِ، فَيَا سُبْحَانَ اللَّهِ قَبْلَ تَوْبَتِهِ، مَا كَانَ لِلْمُسْلِمِينَ أَئِمَّةٌ يُقْتَدَى بِهِمْ، حَتَّى يُتَّخَذَ مُبْتَدِعٌ تَابَ مِنْ بِدْعَتِهِ إِمَامًا، كَأَنَّ النَّاسَ مَاتُوا إِلَى هَذَا الْحَدِّ كُلِّهِ، وَلَمْ يَبْقَ فِيهِمْ مَنْ يَصْلُحُ لِلإِمَامَةِ حَتَّى يَتُوبَ مُبْتَدِعٌ مِنْ بِدْعَتِهِ، فَيَصِيرَ إِمَامَهُمْ، وَأَهْلُ الإِسْلامِ قَاطِبَةً تُقَدِّمُ مُتَكَلِّمًا عَلَى أَئِمَّةِ الْحَدِيثِ جَمِيعِهِمْ فِي حَالِ كَثْرَةِ الْعُلَمَاءِ، مَا هَذَا الْهَذَيَانُ؟