قال: وهذا ضرب من الجهل عظيم، فإنه عزّ وجلّ لم يطلق المشيئة للعبيد، ثم حجزها عنهم ونسخها، وإنما أعلم أن العبد إذا شاء أمرا من صلاح أو ضلال، فلا يكون ذلك إلّا أن يشاء الله، وهذا وعيد وتهديد ... الخ.
* وعند قوله تعالى: فَتَوَلَّ عَنْهُمْ فَما أَنْتَ بِمَلُومٍ (?) نجده ينقل عن الضحاك قوله بأنها منسوخة بالأمر بالإقبال عليهم وتبليغهم الرسالة ووعظهم اهـ. ولم يسلم بهذا القول، بل فنّده ودحضه بقوله: ويلزم من هذا أنه أمر في هذه الآية بترك التبليغ للرسالة، ثم أرسل بعد ذلك، فنسخ ما كان أمر به من ترك الرسالة والإنذار، وهذا لم يكن قط ...
إلخ ثم ذكر وجهة نظره وما يراه صحيحا في معنى الآية.
* وعند قوله تعالى: لا يَنْهاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ ... (?)
الآية. نجد السخاوي ينقل قول هبة الله بن سلامة بأنها منسوخة بما بعدها، وهو قوله تعالى: إِنَّما يَنْهاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ، ثم يعقب على هذا بقوله: وهذا كلام ساقط وأخذ يعلل لذلك ..
* وكان أحيانا ينقل بعض التفسيرات لبعض الأحاديث، ثم يقول: وكل هذه الأقوال غير مستقيمة، ثم يأخذ في التعليل لاعتراضه، مبيّنا وجهة نظره فيقول:
أما قول أبي عبيد ... ، فتأويل لا دليل عليه.
وأما قول الأصمعي ... ، فذلك خلاف ما جاء في الأخبار الصحاح.
وأما قول من قال كذا ... ، فذلك أيضا غير صحيح.
وأما قول من قال كذا ... ، فكلام لا معنى تحته (?).
وهكذا كان- رحمه الله- يجول بفكره، ويرد على بعض الأقوال بأسلوب مهذب مقنع.
وهذا إن دلّ على شيء فإنما يدل على كثرة علمه وقوة شخصيته ورجاحة عقله.
كان للبيئة التي نشأ فيها السخاوي وترعرع في أحضانها أثر في اتباع مذهب الإمام