القرآن، ألا وهو «جمال القراء وكمال الإقراء» لموضوع بحثي، وهو لعلم الدين السخاوي المتوفي سنة 643 هـ، وقد كنت أحد خريجي كلية القرآن الكريم والدراسات الإسلامية، وكنت شغوفا في حبي لكتاب الله تعالى ومعرفة علومه، ومنّ الله عليّ بالالتحاق بشعبة التفسير وعلوم القرآن من قسم الدراسات العليا، وكان عملي في مرحلة الماجستير في موضوع «عبد الرحمن الثعالبي ومنهجه في التفسير» فأردت أن أجمع بين الحسنيين، الموضوع والتحقيق، فاخترت هذا الكتاب وهو كتاب مهم ومفيد، إذ تناول فيه مؤلفه أنواعا من العلوم المتصلة بالقرآن الكريم، كمعرفة المكي والمدني، والكلام على إعجاز القرآن وفضائله، وكيفية تأليفه، وتجزئته وعدد آياته وسوره، وذكر الشواذ، وناسخ القرآن ومنسوخه، وغير ذلك، وهي موضوعات مهمة، كلها تتعلق بالقرآن الكريم.
فألفيته جديرا بالاهتمام والتحقيق، وبخاصة أن مؤلفه علم الدين السخاوي الذي أجمع المؤرخون له على جلالة قدره، فشد هذا من أزري وشجعني على اختيار هذا الموضوع، ولا شك أن العمل في مجال تحقيق التراث، مجال فيه مشقة وتعب، وفي الوقت نفسه فيه لذة وسعادة، وإن بعض من لم يمارس عمل التحقيق ويكابد مشقته، يظن أنه عمل سهل وميسور، ويظن أنه مجرد إزالة الغبار عن كتاب مغمور ونسخه وإخراجه، والواقع أن تحقيق كتب التراث يحتاج إلى وقت وجهد كبير، ويتمثل ذلك في التعليق على بعض المسائل المهمة، وإيضاح القضايا العلمية التي تحتاج إلى إيضاح، وعزو الآيات القرآنية وتخريج الأحاديث النبوية، وترجمة الأعلام .. إلى غير ذلك، مما يخدم النص، ويخرجه إلى طلاب العلم والمعرفة بثوب يليق به، وهذا ما حاولت أن أسلكه في تحقيق هذا الكتاب، وقد كانت مهمتي شاقة، إذ أن الكتاب يشتمل على عدة علوم، كل علم يكاد يكون علما مستقلا بذاته ويحتاج إلى متخصص، وحسبي أني اجتهدت وبذلت طاقتي فإن أصبت فالحمد لله الذي وفقني للصواب، وإن أخطأت، فكل بني آدم خطاء، والله الموفق والهادي إلى سواء الصراط، وهو حسبي ونعم الوكيل.