والكسائي وأصحابه يقفون على سائرها بالحذف اتباعاً "للمصحف فما باله خص قوله: (بهادِ العمي) بالياء في حال الوقف خلافاً لأصولهم؟
وهلَّا وقف على (يَقض الحقَّ) : (يقضي) ، وعلى (واخشونِ اليوم) :
(واخشوني) ؟
على أني لا أعرف أن الكسائي يقف على هذا الحرف
بالياء، ولا نأخذ به إلا بالحذف في الحالين، فإنّ صح ذلك عنه كما
ذكره، فلا بد من علة يلتجئ إليها سوى هذه العلة؛ لأنّي قد أريتك
فسادها.
ووجهه عندي، والله أعلم، أنه لَمَّا وجدها ثابتة في بعض
المصاحف، ومحذوفة في بعض احتاط لها بالإثبات خوفاً من أن تكون
ثابتة في المصحف، فيكون حاذفاً لما ثبت خطه، ولا يجوز ذلك
بإجماع، قال: وهذا كلام في الحرف الذي حذفت الياء منه؛ لأن
عندهم ما حذف في الخط حذف في اللفظ، فإن كان قد أثبته فقد
خالف أصله، وأصول أصحابه، وخلاف الأصل لا بد أن يكون لعلة ما.
وهي ما قلت، ولا كلام في الحرف الذي ثبتت الياء فيه خطًّا أن وقفه
بالياء؛ لأن حذف ما ثبت خطه لا يجوز بحال، فلا وجه لتخصيص
الكسائى بالذكر أنّه أثبته؛ لأن الجماعة على ذلك. قال: فأمّا من قرأ
(تهدي العميَ) بالتاء ونصب (العميَ) فإنْ وقف عليه لانقطاع
نفس، أو عطاس وجب إثبات الياء.
قال: ولا يجوز عندي حذف الياء على هذه القراءة.
قال: وزعم ابن الأنباريّ أن حذف الياء منها جائز
في حال الوقف على هذه القراءة، واحتج بقوله: (ما كنا نَبْغِ)
وأن العرب قد تكتفي بالكسرة عن الياء، وليس الأمر كما ذكر؛ لأن القراءة سُنَة متبعة، والياء إذا وجدت محذوفة من الخط فهؤلاء
لاكتفائهم بالكسرة عنها، وحذفها في اللفظ متابعة للخط، فإذا ثبتت خطًّا