ونحو ذلك قوله تعالى (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ)

زعم الأخفش أن التقدير: كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيراً فالوصية، فالفاء المحذوفة جواب الشرط.

قال مكي: فعلى هذا يقف على (خيراً) ويبتدئ بها؛ لأنها مرفوعة بالابتداء. وهذا غلط؛ لأن جواب الشرط لا يبتدأ به، ولا يجوز أن نقول:

"إن قام زيد فعمرو قائم"، فيقف على "إن قام زيد"

وهذا كلام غير مفهوم، وما بعده غير مستغن عنه في لفظ، ولا

معنى.

وقال قوم:، (الوصية) مبتدأ، و (للوالدين) الخبر، ويقدر الشرط متأخراً

أي الوصية للوالدين والأقربين إن ترك خيراً، قالوا: لأن الشرط إذا كان

فعلًا ماضياً جاز تقديم الجواب عليه، فيحسن رفع (الوصية) بالابتداء.

فعلى هذا يقف على (خيراً) ، وهذا من دقائق عكس الحقائق، والتفنن

فيه، إنما الحقيقة أن الشرط إذا وقع متأخراً كان في التقدير مقدماً لا أنه

إذا جاء مقدماً على ما هو له قدر متأخراً، وإذا كان لا يصلح أن يكون

جواباً مع التأخير فكيف يكون جواباً إذا قدم؟.

وإنما الوصية مفعول أقيم مقام الفاعل مرفوع بـ "كتبَ "، ولا يجوز الوقف على (خيراً) . وهل يجيز أحد: "إن قام زيد عمرو منطلق"

على تقدير "عمرو منطلق إن قام زيد"؟

وهذا شيء ذكره النحاس، واتبعه عليه مكي، وأي ضرورة ألجأت

إلى هذا التقدير ولنا عنه مندوحة بما ذكرناه.

وقوله عز وجل: (إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ فَلَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ (49) . في يونس.

وفي الأعراف والنحل (فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015