زياد بن عبد الرحمن، حدثنا محمد بن يحيَى بن حميد، حدثنا محمد بن
يحيى بن سلام، عن أبيه عن حماد بن سلمة، عن على بن زيد، عن
عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثله، إلَّا أنه قال: ما لم تختم آية رحمة بعذاب أو آية عذاب بمغفرة.
قال أبو عمرو الداني، رحمه الله، عقيب هذا الحديث: فهذا
تعليم التمام من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن جبريل عليه السلام إذ ظاهره دال على أنه ينبغي أن يقطع على الآية التي فيها ذكر النار والعقاب، وتفصل مما بعدها إذا كان بعدها ذكر الجنة والثواب، وكذلك يلزم أن يقطع على الآية التي فيها ذكر الجنة والثواب، وتفصل مما بعدها أيضاً إن كان بعدها ذكر النار والعقاب.
وليس الأمر كما ذكر أبو عمرو، بل الحديث يدل، على أن
القارئ يقف حيث شاء لقوله: كل كافٍ شافٍ، ولم يرد بالفصل، وترك
الوصل أن الكلام قد تم، وإنما أراد أن القارئ إذا وصل ذلك غير
المعنى، وقَلَبَه، لأنه إذا قال: (تلك عبيى الذين اتقوا، وعقبى
الكافرين) غير المعنى -، وصيَّر الجنة عقبى الكافرين.
ألا ترى أنه لو قرأ (يغفر لمن يشاء ويعذب) . لم يكن في ذلك
شيء وإن كان قد وصل المغفرة بالعذاب، وإنما الممنوع تغيير المعنى
بسبب الوصل، ويدخل في هذا نحو قوله عز وجل:
(وَلَا يَحْزُنْكَ قَوْلُهُمْ إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا)
إذ في وصله ما يوهم أنهم قالوا: (إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا) ، وأن قولهم ذلك قد أحزن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -،