قلت: وكذلك كان يكون الحكم في قوله عز وجل: (أَوَعَظْتَ)
إلا أن أجلاء القراء أجمعوا على إظهاره، ولم يدغموه؛ لأن الصوت
الزائد فيه دون ما في الطاء، فرأوا أنهم إذا أدغموه لم يبق من ذلك
الصوت إلا شيء خفي فأظهروه لذلك، وفي إظهاره تنبيه على أن إظهار
هذا الجنس، وإدغامه جائز.
وقد روى نصير وجماعة عن الكسائي: (أوعت) بإدغام الظاء
وصوتها كما تقول: أوعدت من الوعد.
قال أبو عمرو: ومخرج كل مدغم من مخرج المدغم فيه، لا من
مخرجه، وذلك من حيث انقلب إلى لفظه، واعتمد اللسان عليه دونه.
قال: ومعنى الإدغام: إدخال شيء في شيء، وتغييبه فيه، مأخوذ من
قول العرب أدغمت الفرس اللجامَ إذا أدخلته في فيه..
وقال بعض أهل اللغة: الدغم: التغطية، وقد أدغمه إذا غطاه.
قال: وأما المخفي فعلى نوعين: إخفاء الحركات، واخفاء التنوين
والنون.
وأما إخفاء الحركات فحقه أن يضعف الصوت بهن ولا يتم.
وأما إخفاء النون والتنوين فحقه أن يؤتى بهما لا مظهرين، ولا
مدغمين، فيكون مخرجهما من الخياشيم لا غير، ويبطل عمل اللسان
بهما، ويمتنع التشديد لامتناع قلبهما، وذلك إذا لقيا حروف اللسان غير
الراء والياء واللام.