والذي ذكره هؤلاء الأئمة من الاختلاف في اختيار أحد المذاهب
الثلاثة سهو منهم؛ لأنهم معترفون بأن الإمالة من وجوه القراءات السبعة
التي نزل بها.
وكذلك التفخيم، وإمالة التوسط، فكيف يصح مع هذا أن
يقال: هذا أولى من هذا؟ وقد دلت الأخبار الصحيحة على أن الإمالة قد
نطق بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
وفي حديث الغامدية
"إما لا فاذهبي حتى تضعيه"
فرووا عنه - صلى الله عليه وسلم - (إمّا لا) بالإمالة.
وقد قال الله تعالى (فَإنمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ) .
فالإمالة المحضة، والمتوسطة، والتفخيم كل ذلك لسانه - صلى الله عليه وسلم -.
ثم قال أبو عمرو، رحمه الله، مجيباً لأبي عبيد: فأمَّا ما احتج به أبو عبيد.
رحمه الله، في اختيار الفتح، وتغليبه بذلك على الإمالة، فلا يلزم من
خالفه، إذ ليس بدليل قاطع لاحتماله من وجوه الصواب ما هو أولى من
الوجه الذي وجهه إليه وذلك أن الحديث المسند الذي فيه نزل القرآن
بالتفخيم لا يدل ظاهره على أن التفخيم أحسن الوجوه كما ذهب إليه.
وإنما يدل على أن القرآن نزل بذلك ليعلم صحته، وجوازه، وإباحة
القراءة به.
والكل قائل بذلك، ومستعمل له غير مخالف فيه، ولا راد له، كما
يقول: بالإمالة، ويستعملها، لورود الخبر بها أيضاً عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، كما حدثنا على بن محمد بن خلف المالكي قراءة عليه، - حدثنا عبد الله بن أبي هاشم، حدثنا عيسى بن مسكين، وأحمد بن أبي سليمان قالا: حدثنا سحنون بن سعيد، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن مالك،