قال عاصم: قرأت يوماً على أبي عبد الرحمن السُّلَّمي حتى تحول
من مجلس القرآن إلى حلقة فيها نفر من الصحابة، وكان إذا فرغ من
مجلس الإقراء يجلس إليهم، وفيهم: زر بن حبيش، وشقيق بن سلمة.
والمسيب، وكان يجالسهمٍ يزيد بن الحكم الثقفي، فقلت: إن أهل
المجلس يدغمون حروفا كثيرة، ويقولون: ذلك جائز في الكلام.
فذكرت: (هل ترى) ، وقلت: يقولون: (هترى) ، و (لبثت) ، فقلت:
يقولون: (لبت) ، وأشباه ذلك، فأعظموا ذلك جميعاً، ثم قال أبو عبد
الرحمن: قاتلهم الله أخذوا هذا من قول الشعر، فإن الشاعر يدغم.
وينقص من الحروف، لئلا ينكسر عليه البيت.
وقال عاصم في هذا الحديث، فقلت في (مَا هِيَهْ) .
(ما هي) ، فقال أبو عبد الرحمن، ويحك رأس آية، فلم نقصت؟
قال: وكان في ذلك منهم كلام، وذكرت له: (يتسنَّه) ، فقلت:
(يتسن) .
فهذا معنى قول أبي عبد الرحمن يدغم وينقص..
وقال أبو العباس بن مسروق: وسمعت أبا حمدون المقرئ.
يقول: صليت ليلة، فقرأت، فأدغمت حرفاً، فحملتني عيني.
فرأيت كأنَّ نوراً قد تلبب بي، وهو يقول: بيني وبينك الله.
فقلت من أنت؟
قال: أنا الحرف الذي أدغمتني.
قلت: لا أعود فانتبهت، فما عدت أدغم حرفاً.