فأقبل يرمينا بالشهبان، وكان الرشيد معجباً به، واختاره لنفسه، ولولده.
ولا يختار الخليفة لنفسه إلَّا الأفضل.
وكان الرشيد يقول: ما رأيت أفضل منه، ولا أورع، ولا أبصر بالقرآن والعربية.
وقال الفراء: قال لي رجل من النحويين: ما اختلافك إلى الكسائي؟
أنت مثله في العلم، فأعجبتني نفسي، فناظرته مناظرة الأكفاء، فكأني كنت طائراً يغرف من البحر بمنقاره.
وقال خلف بن هشام بن غالب: كنت أحضر بين يدي الكسائي.
وهو يقرأ على الناس، وينقطون مصاحفهم بقراءته.
قال ابن مجاهد: وحدثني أحمد بن القاسم قال: حدثنا
إسحاق بن يوسف الأزرق، قال: سمعت الكسائي، وهو يقرأ على الناس
القرآن مرتين.
وقال أحمد بن الصباح: كان الكسائي يبدأ بمن سبق.
فيأخذ عليه، وكان متواضعاً في علمه يأخذ على كل إنسان، ولا يفضل
أحداً على أحد، حتى كثر الناس عليه، وكان يقرأ عليهم، ويتبعون
ألفاظه، وقال نصير: كان الكسائي لا يلتفت إلى ولد قرشي ما بقي عنده
واحد من العميان، وروي أنه أعيا في مجلسه فمدَّ رجليه، فقال بعض
جلسائه: أي شيء هذه المجالسة؟
فقام الكسائي مغضباً، فقيل له: ممه؟
فقال: ما كنت لأجالس إنساناً يبخل عليَّ بما لا يضرُّه.
وأخذ عن الكسائي قراءته، وقرأ عليه جماعة من أئمة القرآن.
والحديث، والفقه، والنحو والعربية.
منهم: أبو يوسف نصير بن يوسف النحوي، وأبو عمر حفص بن عمر بن عبد العزيز الدوري، وإبراهيم بن زاذان الخراسانى، وسَوْرة بن المبارك الدينوري، وأبو الحارث الليث بن خالد المروزي، وعصام بن الأشعث، ويقال: ابن أبي الأشعث، وأبو يزيد الخزاز الكوفي، وأحمد بن منصور النحوي أبو جعفر، وأبو مسلم