وأما أحمد بن حنبل - رضي الله عنه -، فقد قال سويد: مضيت أنا.
وأحمد بن رافع إلى أحمد بن حنبل، رحمه الله، فقال: ما حاجتكما؟
قلنا: نحن نقرأ قراءة حمزة، وبلغنا أنك تكره قراءته، فقال أحمد.
رحمه الله: حمزة قد كان من العلم بموضع، ولكن لو قرأتم بحرف نافع
وعاصم، فدعونا له، وخرجنا وخرج معنا الفضل بن زياد، فقال لنا: إني
لا أصلي به، وأقرأ قراءة حمزة، فما نهاني عن شيء منها قط، وكان
حمزة رحمه الله أجل، وأورع من أن يبتدع.
قال الكسائى، رحمه الله: قال حمزة بن حبيب الزيات: كان
الرجل بالكوفة إذا أراد أن يتعلم القرآن اختلف إلى المسجد يشاورهم.
ويسترشدهم حتى إذا اجتمع رأيهم على رجل قلده، وقرأ عليه.
وقال يوسف بن أسباط: رأيت حمزة بعد موته في المنام كأنه يلعق
من سكرجة فيها خردل، ويقول: آخ لحرارة طعمه، قال: فتأولت ذلك
لشدة أخذه على من قرأ عليه.
وهذه الرؤيا لا تقوم بها حجة.
قال أحمد بن جعفر بن محمد بن عبيد الله بن المنادي: معنى هذا
المنام يرجع إلى الذي رآه؛ لأنه كان يستعظم أخذ حمزة، وله عنده هول
شديد، فرأى ذلك لأجل ما كان عنده منه، وهذا الذي قاله ابن المنادي.
رحمه الله، هو الحق.
ومن رأى رجلاً جليل القدر في المنام على حال سيئة، أوْ رَآه قصيراً، أو ضئيلاً، فإنما رأى اعتقاده فيه، وأين هذه الرؤيا؟
من رؤيا حمزة، رحمه الله، أنه قرأ القرآن كله على ربِّ العزة؟
وقد حدثني بها الشيخ الإمام أبو القاسم الشاطبى رحمه الله بقراءتي عليه.
وحدثني بها غيره، وهي مشهورة.